Saturday 31 July 2010

العندليب و الوردة



كتب هذه القصة أوسكار وايلد، و نهايتها ( لا تقرأ إلا بعد مشاهدة القصة) صار الصبي فيلسوفاً لأنه فشل في أن يصير محباً، فالحب كما قال العندليب، أكثر حكمةً من الفلسفة

Thursday 29 July 2010

أنا في قلب الله

إلى الأيام

عندما جلست أكتب ما عودتني عليه و ما وعدتني به، رأيت أنك لا ترمين حقاً إلى شيء، فلا أدري لِمَ اكتراثك بتفاصيل حياتي. وددت لو نبقى أصدقاء لكن هناك من يحاول أن يمحي أثرك و من يتدخل بتعاقبك المقدس. و لهذا حكم عليك التزوار، و حكم علي التذكر. لا أتمنى أن تعودي لأني لا أعتقد بذهابك، فأنت تتكدسين في هذا الواقع كـلوحات المسرح

إن الروح تُنفخ فيك أيتها الأيام، لا في أجسادنا، فرفقاً بي أرجوكِ، أنت مسبحتي التي أسكن بها و أنتِ روحي التي تمر بي و لا تستوطن. لماذا يستهويك تطريز نسخ مني على جلدي؟ لماذا تحبين أن أحذوك بالتكاثر؟ عندما أنتظر، تختلف ترانيمي إليك و أصبح لك أكثر خضوعاً، فتتخدر أعضائي و تتجمد التعابير على وجهي

أما الآن فأنا لا أنتظر شيئا، أريد أن أُنسى كطفل يتيم، فما داعي الذكرى إن نستني المحبة؟ الآن أنا أَنشُد السكينة و أُنشِد لله


Wednesday 28 July 2010

المذكرة العاشرة

البحر أجمل ما يكون
لولا شعوري بالضياع
لولا هروبي من جفاف مدينتي الظمأى و خوفي
أن أموت
عريان في الأعماق أو في بطن حوت
إني أحاذر أن أموت
لما أفكر أن لي بيتاً و لي فيه عيال
لما أحس بأن في الدنيا جمال
يا أيها الفجر المشع و يا أصائل يا ليال
الشمس في الآفاق كالإيمان في قاع النفوس
و من القلوب المؤمنات
بالأرض و الإنسان تنبثق الحقيقة و الحياة
زرقاء صافية كعين حبيبتي عند اللقاء
كالفجر كالأمواج حين تنام كالأفق المضاء
و كما يشع النجم في كبد الظلام
يأتي الربيع من الشتاء
و غداً ستمطر غيمتي. و يذوب في الرمل الصقيع
و المجد للأسرار في القلب العظيم
و إلى المحبة للجميع
و إلى الربيع
في كل أرض في الشمال أو الجنوب
و المجد للمحار في كفي هدايا للعذارى الطاهرات
الحاملات جنين إنسان الحياة
القارع الأجراس في ليل الطغاة
يا بحر يا محار يا سحر الأصائل يا غداة
آمنت أن غداً سيشرق في بلادي و الحياة
ستدب حتى في الرمال
و من التشرد في البحار
سيشع في روحي النهار

مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١
بصوت الشاعر

بحّاري الحبيب؛
ليتني أستطيع أن أومئ رسالتي إليك، فأنا في هالة من الأمية و العجز. إن الصبر كظم يلي أو يسبق مصاب سوء و يناسب مصاب بعد، و أشده مقترن بالقتل، فالمصبور هو المحبوس بنية قتله، و هو يخط عبر الزمن مشوارين متوازيين أحدهما لليأس و الآخر للأمل. بحّاري الحبيب، مازالت البيوت تُهدم، و عيالك اعتادوا الرحيل، حتى من أنفسهم. أتمنى أن ترجع سالماً لتراهم.
يتوالى مُخاض المحّار فلا تكون اللؤلؤة، و أستمر في دعائي للبحر لعله يتوب، و للسماء لعلها ترحم

Thursday 22 July 2010

الألّافة

أختي و بناتها رجعن اليوم من السفر، و كما عهدناهن اتخذن الطاولات منصة لهن. بدأت زينة بأغنية إنجليزية عن العائلة، كانت هي قد ألفتها، مع إيقاع من أختها. و عندما شان عليهن الإنجليزي و هن رادين حكوكات بعد سفرة دامت قرابة الشهر، أعلنت رغبتي بأن تغنين أغنية عربية، فبادرتني زينة بهذه الأغنية

الله هو الله
الله هو ربنا
إحنا أصلاً و لا شي
بدون الله
الله هو ربنا
الله هو إهني (تؤشر على قلبها)
الله ما تشوفونه
على شان هو بالسما
الله خلق الكائنات
الله هو ربنا
الله هو أحلاها
الله هو ربنا

و عندما استغربنا الكلمات، سألناها: حافظتها من المدرسة؟ قالت و كأنها تعلن حقيقة قديمة: لا! إهي من مخي ألحين (أي ارتجال)، أنا ألاّفة

Monday 19 July 2010

مصارع العشاق

في سفر والدي، يبدأ عملي كأمينة مكتبة، لذا اتصل عليّ عمي يطلب ديوان الحطيئة. تذكرت مكانه،علمت أنه في قسم دواوين الشعر التي في مكتبة الملحق (حيث أن لدينا خمس غرف للكتب إثنان منها رسمية، و ثلاث محتلة)، و في الزاوية التي عادةً أختلي بها. بينما كنت أبحث عن الكتاب، وجدت كتابا قديماً أحمر التجليد محفور النقش، فتحته و إذا به من مواليد سنة ١٩٠٧م - ١٢٣٤هـ من و طبع في مطبعة التقدم بشارع محمد علي بمصر على نفقة عبدالغني شهاب الكتبي بجوار الأزهر بمصر

كتاب مصارع العشاق
تأليف
الشيخ أبى محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج
القاري رحمه الله

الكتاب مصنف على هذا النحو:
الجزء الأول
(كان على وجه الجزء الأول بخط المصنف و هو من إنشائه)
هذا كتاب مصارع العشاق - صرعتهم يوما نوى و فراق
تصنيف من لدغ الفراق فؤاده - و تطلب الراقي فعز الراقي
فإذا تصفحه اللبيب رئى لهم - أسرى الهوى أيسوا من الإطلاق


- باب أصل العشق و ما ذكر فيه
- باب مفرد من مصارع العشاق

الجزء الثاني
(كان على ظهر هذا الجزء بخط المصنف)
مصارع العاشقين صرعهم - هوى الظباء الفواتر الحدق
تصنيف من صده تصونه - عن كشف ما في الفؤاد من حرق
فهو يسر الهوى و يكتمه - و القلب قد تاه منه في طرق


- باب من مصارع العشاق
- باب عقوبات فساق العشاق

الجزء الثالث
- باب من مصارع عشاق الطير
- باب من مصارع العشاق

الجزء الرابع و الخامس
- باب من حمله هواه على قتل من يهواه
- باب خلوات العشاق
- باب ثان مفرد من خلوات العشاق
- باب مصارع غربان النوى

الجزء السادس
- باب ذكر مصارع محبي الله عز و جل
- باب مصارع عشاق الحور العين
- باب مصارع عشاق الجنان
- باب من عجائب محبي الله و ذكر كراماتهم
- باب في شوق المحبين

الجزء السابع
- باب جامع من مصارع العشاق
- باب من صعق لوعظ معشوقه
- باب الظافرين بأحبابهم مع العفاف بعد أن أشرفوا على الإتلاف

الجزء الثامن
- باب من مصارع العشاق
- باب من طرائف هذا الكتاب

الجزء التاسع
- باب مصارع محبي الله عز و جل
- باب ظريف من أخبار مصارع العشاق

الجزء العاشر
- باب من عجائب مصارع العشاق
- باب طريف من أخبارهم

الجزء الحادي عشر
- باب المتألمين من الفراق

الجزء الثاني عشر
- باب من عوفي برؤية أحبابه من علل هواه و أوصابه
- باب ذكر مصارع عشاق الكعبة

الجزء الثالث عشر
- باب يلحق بمصارع محبي الله عز و جل

الجزء الرابع عشر
غير مبوب

الجزء الخامس عشر
غير مبوب

الجزء السادس عشر
- باب من مصارع عشاق الجن

الجزء السابع عشر
- باب مصارع العشاق و غرائب أخبارهم
- باب طريف من مصارع العشاق

الجزء الثامن عشر
- باب من عجائب العشاق

الجزء التاسع عشر
- باب من مصارع العشاق

الجزء العشرون
(و كان على وجه الجزء و هو داخل في السماع أيضاً)
حدثنا أحمد بن ثابت من لفظه بدمشق أخبرني أحمد بن أبي جعفر القطيعي حدثني إسحق بن ابراهيم بن أحمد الطبري حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد حدثنا أبو غالب بن بنت معاوية بن عمرو حدثني جدي معاوية بن عمر حدثنا زائدة عن ليث عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله سألت الله عز و جل أن لا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه


(و كان على ظهر الجزء و هو في السماع أيضاً)
أخبرنا التنوخي أخبرني أبو الفرج المعروف بالأصفهاني أخبرني الجرمي ابن أبي العلاء حدثنا الزبير بن بكار حدثني خلف بن وضاح أن عبد الأعلى بن عبدالله بن صفوان الجمحي قال حملت ديناً بعسكر المهدي فركب المهدي يوماً بين أبى عبدالله و عمر بن بزيع و أنا وراءه في موكبه على برذون قطوف فقال ما أنسب بيت قالته العرب قال أبو عبيد الله قول امرئ القيس
و ما ذرفت عيناك إلا لتضربي - بسهميك في أعشار قلب مقتل
قال هذا إعرابي قح فقال عمر بن بزيع قول كثير يا أمير المؤمنين
أريد لأنسى ذكرها فكأنما - تمثل لي ليلى بكل سبيل
فقال ما هذا بشيء و ما له يريد أن ينسى ذكرها حتى تمثل له فقلت عندي حاجتك يا أمير المؤمنين قال الحق بي قلت لا لحاق لي ليس ذلك في دابتي قال احملوه على دابة قلت هذا أول الفتح فحملت على دابة فلحقته فقال ما عندك قلت قول الأحوس
إذا قلت إني مشتف بلقائها - فحم التلاقي بيننا زادني سقما
فقال أحسنت حاجتك قلت عليّ دين فقال اقضوا دينه فقضي ديني


- باب مصارع فساق العشاق
- باب من مصارع العشاق
- باب من مواعظ العشاق

أما في ظهر الغلاف فقد كتب بخط اليد (ربما من صاحب الكتاب الذي سبق والدي) أرقام صفحات، و عندما تبعتها رأيتها تشير إلى أبيات عليها علامة للرجوع إليها و لا أستطيع ذكرها هنا لمشقتها عليّ في الكتابة، و وددت لو أذكر لكم هنا أحد الأبيات التي أعجبتني و هي في الصفحة ١٧٧
أخبرنا الجوهري أخبرنا أبو عمر بن حيوبه أنبأنا أبو الحسن العباس بن العباس الجوهري حدثنا الطوسي أنشدني هلال بن العلاء
أرى كل معشوقين غيري و غيرها - يلذان في الدنيا و يغتبطان
و أمسي و تمسي في البلاد كأننا - أسيران للأعداء مرتهنان
أصلي فأبكي في صلاتي لذكرها - لي الويل مما يكتب الملكان
ضمنت لها أن لا أهيم بغيرها - و قد وثقت مني بغير ضمان
ألا يا عباد الله قوموا تسمعوا - خصومة معشوقين يختصمان
و في كل عام يستجدان مرة - عتابا و هجراً ثم يصطلحان
يعيشان في الدنيا غريبين أينما أقاما و في الأعوام يلتقيان

أعجبتني تصانيف أخبار العشاق فلم أرَ هذا القدر من الأخبار في وصوف العشق. و هذا ما كان بيني و بين هذه التحفة الحمراء حتى الآن

Sunday 18 July 2010

دولكة الكركديه و أشياء أخرى

أول الليل، دولكة الكركديه انفجرت بيدي و جرحتني جرحاً ظننته بقايا العصير. كانت الدولكة أحد عداداتي الزمنية، و كنت أراقبها و هي تقارب النفاد. ثواني الإدراك كانت بالضبط كثواني تسرب الهواء إلى الفراغ رعداً، و شحنة الضوء فيه برقاً، و أنا الآن منهكة كالسماء بعد عاصفة الخمس دقائق

كنت ماشية على خط ميناء الشويخ عندما رأيته يتقلب بين عجلات السيارات، و يرفرف كالمستجير بخانة أمان، كان طيراً من بعيد، و لكن عندما اقتربت أكثر، تحول إلى قطعة من ورق مقوى عجنته هفّافة الشوارع، ربما كان جزءاً من سحّارة طماطم، لقد حز في خاطري أكثر عندما علمت بأنه ليس طيراً. فهو يتألم بلا عقل، و يتقلب بلا قلب، أما كيس البقالة فهو يطير في الفضاء سمّاري. في قلبه هواء و سكناه أعالي الشجر، و منقوش عليه عشر مرات: كل عام و أنتم بخير

Friday 16 July 2010

ممنوعات



ممنوع من السفر ممنوع من الغنا
ممنوع من الكلام ممنوع من الاشتياق
ممنوع من الاستياء ممنوع من الابتسام
وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات
وكل يوم بحبك أكتر من اللى فات
حبيبتي يا سفينة متشوقة و سجينه
مخبر في كل عقدة عسكر في كل مينا
يمنعني لو أغير عليكي أو أطير
إليكي و أستجير بحضنك
أو أنام في حجرك الوسيع و قلبك الربيع
أعود كما الرضيع بحرقه الفطام
حبيبتي يا مدينه متزوقه وحزينه
فى كل حاره حسره وف كل قصر زينه
ممنوع من إني أصبح بعشقك .. أو أبات
ممنوع من المناقشه ممنوع من السكات
وكل يوم فى حبك تزيد الممنوعات
وكل يوم باحبك أكتر من اللى فات

Wednesday 14 July 2010

السنة التي لا تمر



و هاهو يوليو يأتي من جديد، حاملاً الأمل كنعجة شاردة، هناك آمال شهيرة، الكل يصبو إليها و يناديها و الكل يمني النفس بها و يغوي الناس إليها، لكن أملي رغم أجيجه في عمق الليل يبقى من غير بشير و قد سلم مقاليد حكمه للقدر، انتهى بي عصر التصقت به يدي على خدي، و بدأ عصر فيه أشرد

البرحي تساقط البارحة، و عليه فإن يوليو هو بداية أو ربما نهاية سنة النخل، العطر الذي اشتريته في سبتمبر الماضي فرغ، و الدشة غداً. نقطة الدم التي كانت تتمشى في يدي رحلت، و اللمبة احترقت، و المكيف بدأ بالنفخ، و قائمة الأغاني سكتت، و الكركديه قارب النفاد. زمن الشرود عندي يتكئ على هذه العدادات

Saturday 10 July 2010

أثاري الزمن كذبة



المكان الذي تغني عنده رباب هنا يشبه المكان الذي طالما لعبت فيه. أستعيد ذكرياتي هذه الأيام، و كما تستعيد الأمواج ارتفاعاتها قبل الاستلقاء على الرمال، تستعيد العبرات سدودها العاليات في حلقي قبل أن تنتهي صوتاً

أنا متأكدة أن إحدى أجزائي اللاتي انفصلن عني منذ مدة، تتعرض لتعذيب شديد. فأنا أرى العذاب بعيني واضحاً و أرى وسيلته، و لكن ما أن يهم الضارب بالضرب أو الحرق أو الشنق أو الشق، أرتعش فأعيش

يا نفسي التي هناك، لماذا إذن ترغبين في إشراكي بجرائمك؟ و لماذا أصلاً ما زلتِ تذكريني. نحن نذكر الماضي لأنه مصدر اطمئنان، فلماذا يذكرنا الماضي و نحن مصدر قلق؟

أخاف من وطني، أخاف من عائلتي، و أشيائي التي ما زالت هنا منذ الطفولة، أخاف من كل قريب طال بقاؤه. كنت أخاف من نفسي، لكنها الآن بعيدة، إنها بالمنفى هناك تصنع من أوهامي خريطة

صعب عليها رسم خرائطي، فأنا مازلت أعيش في ذات المكان الذي ولدت، و في ذات الغرفة التي بها نشأت و كبرت، و حولي ذات الناس و أشباه الناس و أشباح الناس الذين عرفت

Friday 9 July 2010

look!


Today, my family and I went to the beach, and while laying down reading in the shade, my sister brushed the sand with her foot and appeared a silvery circle. "a wedding ring" she guessed apathetically, so I picked it up as it was within my hand's reach_and it was really a silver wedding ring written on it:

SA.RI 14/04/08

it was a very small ring though, it can only get into my little finger. My sister was surprised then as she said what she least expected. I took it to the reception in the end of the day, I wish they find the person who lost it.

Tuesday 6 July 2010

المذكرة التاسعة

لا، لا تقولي رحلتي كانت طويلة
ما زلت أذكر كل شيء عنك يا طيبة الجميلة
إني دفنتك في فؤادي
بين أضلاعي العليلة
لا في التراب. و قد أجسك حين أمسك
كل شيء في جواري
القرط يحمل ليل شعرك و المواقد حرَّ ناري
حتى ثيابك لا يزال عبيرها عبقاً بداري
صندوقك الهندي ذو الأصداف و الحق الصغير
قبران لي و لقلبي الدامي الكسير
يا للملاءة و العباءة غيمتان
في أفق أيامي و ما أحلى السواد
لما يوشحها، ستذبل يا فؤاد
كعيونها. ويح الرمال
كيف احتوتا، و الوجود
قد كان يصغر أن يضم حبيبتي لما أراها
خرز القلادة أفق نجم فوق نهديها تناهى
أو دورة القمر الذي قد شع محترفاً فتاها
أين الشفاه العابقات كما الزنابق في رباها؟
و رداؤها العربي حين تخيطه ليلاً يداها؟
يا ليتني مسرى الخيوط و إبرة حملت شذاها
أين العيون الحاملات
ضوء المسارج حين يغرقني سناها
أين الشفاه العابقات؟
بالطيب و الجمر الشهي المثقلات
بالنار و العطر الذي هيهات تحمله الورود
في كل غابات الشمال أو الجنوب
أواه يا موتي. و قبل مماتها ما قلت آها
فيم البقاء و عالمي في قبرها الرملي تناهى
قال الصحاب غداً سنبحر فاستعد إلى القلوع
فأجبتهم: كل البحار
بحدود قبر عبر هاتيك القفار
الرمل يرضع شعرها و يمص أيامي العِذاب
يا ليت أعماقي تراب
بدل الرمال العابقات على ثراها يا رفاقي
في البحار
أمس كرهت الرمل و هو لظى و نار
و اليوم أحببت الرمال
العابقات بعطرها و كرهت محار البحار
و العطر. كل جواهر الدنيا و أعناق النساء
فحبيبتي ماتت و لو أن الحبيب
محارة لسكنت أعماق البحار
لو أنها نجم لكان الليل أجمل من ينابيع النهار
ليس الجفاف بأن تعيش مع الجفاف
إن الجفاف بأن تعيش بلا حبيب
و الأرض لولا الحب قبرٌ من جليد
ويح الحِمام
أيكون بطن الأرض أحنى من ضلوعي
و الحجار؟
و لِمَ البقاء و كل شيء للفناء؟
العطر و الضحكات و العبث المحبب و الهناء
ضوء النجوم من العيون الحالمات
تحت الثرى. و من الشفاه الذابلات
عطر البنفسج و الورود العابقات
ويح الحياة
تعطي القليل لتأخذ الشيء الكثير
من رحلة العمر القصير

مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١

بحاري الحبيب، يبدو أن مذكراتك تزورني بتاريخ حاجتي إليها، فها أنت تسهب في الرثاء في أيام ألطم بها على الأحياء، و أحاول فيها تفجير عيون أُخَر من وجهي الصحراوي، ثم تُدفن الأشياء في الجسد النابض حالما يُدفن الجسد الهالك في بطن الأرض

كيس حناء
علبة بخور
مشط عاج
سوار من لؤلؤ
ثوب رش المطر

تؤدي العطور طقوس الحياة الأليفة لتستعيد دواخلنا رهبة الحضور؛ مخاضه الوسواس، و ولادته الإيمان، و لفيفه الصمت، ثم نحتجب وراء الطبيعة و نرسل ملابسنا بشتى المقاسات و الألوان لتمثل واجبات المجتمع و قوانين البقاء

بحاري نحن لا نموت، و لكن نتوارى تحت الثرى




Sunday 4 July 2010

نظرية المعرفة، مع طفل

أولاً سنذهب لنأخذ مونيكا من الكنيسة
ما هي الكنيسة؟
هي مسجد المسيحيين
إذاً الهنود يذهبون إلى الكنيسة؟
الهنود المسيحيون يذهبون إلى الكنيسة يوم الأحد و الهنود المسلمون يذهبون إلى المسجد يوم الجمعة
هل نذهب إلى الكنيسة؟
لا، المسلمون يذهبون إلى المسجد، و المسيحيون إلى الكنيسة، و نحن مسلمون
و الذي يصلي في بيته؟
كل الناس يصلون في بيوتهم
ما يصير نصلي بالكنيسة؟
لا، لكن يصير تدخلها
أريد أن أدخلها
سنزورها يوما
يمكن ما تتذكرين
ما راح أنسى
و إذا نسيتي
أنت ذكرني
شلون ندق عليك؟
قل لأمك و هي تذكرني
ما هذا؟
أين؟
هناك فوق، باللون الأحمر
مكتوب: الله
الله يقعد فوق السطح؟
(صمت)
هذي الكنيسة؟
لا، هذا مسجد
...... هذي الكنيسة؟
لا هذا مسجد

Saturday 3 July 2010

الافتتاحية السعمرانية


لقد أجادت اليوم أول نخلة عندنا بسعمرانها، و الذي عادةً ترطب نصف ثمرته بينما يظل نصفها الآخر أخضر. علماً بأنها النخلة الوحيدة التي تنتج السعمران عندنا حيث أن نخلنا كله برحي، و نسميها نخلة حميد نسبة إلى زارعها

أما باقي النخل، فتمت إزالة الشبك عن ثمره اليوم و غسله و هو ما يزال مزيناً النخلات كأقراط الزمرد. لطالما شاهدت قصة النخلة ، و لكني في هذا الموسم أود أن أشارك في جنيه و تجفيفه و كبسه

Thursday 1 July 2010

المجتمع المحافظ


لقد استعرضت في سلسلة قصة الخَلق تكونات المدينة الكويتية المختلفة، مع عدم التزامي بالترتيب التاريخي لتأثري بخريطة الواقع الغير خطية، و وضحت فيما طرحت جزءاً من تفاعل الشعب مع التغيرات العمرانية التي حدثت من ذاك الزمن القريب الغريب، إلى الواقع الحاضر و الذي يلعب فيه "التخطيط" و "الأحداث" التي مرت بها الدولة دور السبب و النتيجة على حد سواء

أما الآن، فأنا أتمشى في الديرة التي أسمع الكل يتذمر منها، و من ساكنيها و من سوء إدارتها، فأراها غاية في الأداء الحضاري، و قد أثبت سكان مدينة الكويت من العرب و الهنود و الباكستانيين و البنغالية أنهم يعرفون كيف يعيشون. و الدليل وجود عناصر الأداء التكافلي لحركة الحياة في هذه المنطقة المهمة مثل
- تخصص النوع التجاري للشوارع
- فرز المباني قبل هدمها و النفايات و الاستفادة من هذه المخلفات
- محاولة تقليل المسافة بين مكان العمل و السكن لتقليل المواصلات
- استعمال مركبات النقل الجماعي لتقليل الضغط المروري و التلوث و مصاريف التعبئة
- التجمع في الساحات، و استعمال كل ما توفره المدينة من مرافق عامة، و التنزه العائلي على شواطئ البحر
- غسيلهم منشور على واجهات المباني فلا توجد أسوار تمنع حياتهم عن الشارع
- استغلال المساحات المتوفرة للسكن و الإيمان بالتطور البطيء لا هاجس الطفرة
- شبكة المندوبين و الفراشين في القطاع الحكومي و الذين يشكلون البنية التحتية لسير الدورات المستندية و توجيه المراجعين
- حراسة مباني الدولة و أرشيفاته
- تنظيف الشوارع و المرافق العامة

و في زيارة إلى حلاق لاهور قبل سنتان و الذي أشاد بالكويت و شعبها الذين عدد لي بعض القديمين منهم بحكم سنه، جلس معنا سائق شاحنة لاهتمامه بأمر السائحة الكويتية في مدينة الكويت فكان يجيب على ما كنت أطرح من أسئلة و يشير إلى أن مشكلة الكويت هي في إداراتها و تعاملها مع بعضها البعض حيث أن كل شيء يُحل بالتداول السلس ضارباً لي أمثلة في معاملات السفارة مع الحكومة، ثم و إثر سؤالي له عن هدم هذه المباني التي يعملون و يسكنون بها و التي هي عادة من مباني الستينات أعربا هو و الحلاق عن استيائهما من إهمال البلدية و عدم اهتمامها بذلك، قائلاً بلغته المختصرة و الواضحة لقلة المرادفات أن المدينة القديمة هدمت، و الآن المدينة التي كانت جديدة صارت تهدم، ثم لن يعرف أحد التاريخ؛ شعرت و هو يقول ذلك بأن المدينة تتكون و تسير على محو ما سبق، كصفحة بيضاء نرسم و نمحو بها حتى صارت رمادية.

سائق الشاحنة و الذي علمت بعد ذلك أنه خريج علوم سياسية من جامعة نيودلهي، حاله كحال العديد من أصحاب الرأي و النظرة الواعية بشأن مدينتنا، فلا أنسى كلامه حين قال: إننا عشنا في هذه البلد و نشعر بالانتماء له رغم ما يظن بعض الكويتيين عنا بأننا نخرب منظر هذه المدينة من وجودنا بها. هذه "النظرة" التي قال بها فسرت عدم رغبة الجزار بالحديث معي، و عدم تعاون الحمالي أيضاً أو تجمع بعض الأفراد لسؤالي إذا كنت من البلدية أو إذا كان المبنى الذي يسكنون به سوف يُهدم قريباً.

ثم نطلع من باب السور، إلى مجتمعنا المحافظ الذي لم يحافظ إلا على ثقافة السور، و حتى في هذا نسي أن السور كان يحيط بنا جميعاً. فمجتمعنا لم يحافظ على المدينة القديمة رغبة في التغيير و كانت الرغبة في مساحة من الأرض واضحة، ثم تغيرت رغبات الناس، و تغيرت معها الحال المعيشية فلم يعد البيت إلا للإيواء و لم يعد التوزيع الفراغي مهماً بقدر التوزيع الجغرافي على الخريطة و ذلك ليس بالضرورة من أجل القرب من مكان العمل، حيث أن بيت الأسرة الكبير عند الكويتيين أهم شأناً من مكان العمل.

عندما هُدِمت البيوت القديمة مع بداية الستينات، ضربت العادات و التقاليد عرض الحائط فنسيج المدينة العمراني القديم هو أساس لسلوك و عادات معينة و انعكاس لها، فإذا غاب الأول غاب الآخر، ثم بعد فترة من الانفتاح، تلتها حقبة بائسة من أزمة المناخ إلى الغزو العراقي، بدأ فيها الناس الحنين إلى ماضٍ هدمت أبعاده، و بدأت فيها نزعة المحافظة و لكن المحافظة على ماذا؟ و كيف؟ فغرست أعواد من الحديدعلى واجهات إسمنتية للإيحاء بالچندل القديم ،و بنى البنّاء الثمانيني و التسعيني بنية عمرانية من الدين كما حيك على المغزل ثوب الإمبراطور و قيل يجب أن نحافظ عليه و نسلك سلوكه و نهجه.

فتطورت هذه البنية و تعالت في البنيان حيث أن ساكنيها كثيرون، و على أساسها سمي مجتمعنا بالمحافظ، و نحن فعلاً لم نحافظ على المباني القديمة، و لم نحافظ على مدينة الستينات، و لم نحافظ على الدستور و لا المال العام و لم نحافظ على الدين بما يحمل من تسامح و عملية و رفض للفرقة و الفتنة بين أفراد المجتمع، و لا حافظنا على حرية الاعتقاد و لا حتى على حياتنا الخاصة، رغم انتشار ثقافة السور*.

نحن مجتمع غير محافظ، و لكني لا أندم على شيء صار أو حتى على ما فعلتُ، و إنما أخجل، كخجل الألمان مما فعل هتلر و الذي يدرسونه في مدارسهم، نعم، يدرسون شعوراً، و الخجل لا يجعلنا نفتح صفحة جديدة كما الندم، و إنما يلزمنا بصفحتنا الرمادية هذه. و تظل قصة بلدنا تُروى كقصة الخَلق؛ قصة آدم و حواء التي كلما نسمعها ندرك أكثر أنْ إذا بدايتنا كانت خطيئة، فإلى الخطيئة حتماً سننتهي


*أقصد بثقافة السور هو أن قسائمنا في المناطق الحضرية الجديدة دائما يحيط بكل واحدة منها سور عالٍ يحجب الحوش و الناس عن الشارع و الفريج لأن ما هو خارج عن البيت في تخطيط دولتنا هو ملك للسيارة، و لذلك فلقد تغيرت ثقافتنا على أساس هذا التغيير في علاقة المنزل بالشارع