Wednesday, 2 January 2013

سنة جديدة

و تبدأ هذه السنة صفحة بيضاء بعد سنين من الصفحات مسودة بالأسئلة، و لأن الأسئلة تتكاثر فلها إذن أصل و نسل و أنساب. عامي الماضي كان منتشرًا بشكل مرعب، و كأني أرسم وردة السجادة، أو العقدة التي تنتشر منها النقوش، ثم انسلت الأيام لخيوط واضحة، لم تكن لتولد مالم أمر بشرايين السنة الماضية، و ما لم أتنفس مشاعري، فالإنسان لا يواجه نفسه أمام المرآة، أو أي انعكاس عبر سطح مصقول، و لكن المواجهة النفسية أدق بكثير مما توقعت. عندما ترى خيط منك في سالفة يرويها إنسان، و تكرر في ذاكرتك جملة لحنية أو أسطورة الكل مقتنع بأسطوريتها

و تتكرر في الذاكرة الحوادث و تتردد و تتباين مظاهر التقديس و التحقير ثم نبدأ نسمي الأشياء بأسمائها، بعدها ندخل في هالة من الحيرة ، لماذا صيرنا الله راغبين؟ و لماذا أعد الله الجنة للمتقين؟ بعد سنوات من التعلم و البحث و التجربة و التساؤل تظن أنك وصلت المستوى المناسب لتختار حياتك، لتختار أصدقاؤك و محيطك و كلماتك التي تعبر عن مشاعرك. و لكن تجد حياتك تتغير بسبب خارج عن إرادتك، و أفعالك تكون لسبب أبعد من وجودك الحالي

تقابل شخص لا تعرفه إطلاقاً و لكن يهزك تأثير هذه المقابلة أكثر من مضمونها، و تكشف لك أبعد مما يستطيع البصر. و نظن أن العلاقة مرتبطة بشخوصها، و لكنها قد تكون جزء من مفهوم كوني أوسع. نعم، هي الحيرة كالجو الغائم، لشخص لا يعرف ماهية المطر و كالغبار لشخص لم يسمع عن ترحال الرمال

لقد ولد الفكر الحداثي سلاسل من العلاقات التفاضلية، فالزمن يعلمنا أن الأحداث تتتابع و تتعاقب، و لذلك نحتاج المقارنة و المفاضلة و الفقه و القياس، إنها النزعة الإنسانية لتأسيس منهج للحياة على هذه الأرض

نولد في هذه الدنيا من ذروة الارتباط بين المرأة و الرجل، يفرض علينا دراسة المنهج الذي انتهجه الآباء، لكننا نضيع بالتوازي ببحر من الحيرة، فالتجربة تنفي المنهج الذي تعلمناه أو تؤكده بشكل منفر أو مقزز. فلا نعلم إذا كانت حياتنا تكفي لصناعة منهج شخصي، و لا نعلم إذا كانت رغبتنا بأمر ما تحمل لنا الخير الذي نأمل. لذلك صعب علي التخطيط، لذلك أستسلم للحين، للآنية لما أستطيع الآن أن أفعل، و أسمي استنتاجاتي فترة وضوح، أو كون مؤقت

و نحن في هذا الكون، نستمد القوة من الخالق الذي تعجز حواسنا عن إدراكه، فنحن لا نستطيع أن نفهم إن كان كنهه كوني أو زمني أو كنه آخر نجهله، و لكن كل ما نحتاجه الآن هو القوة في فضاء غني بالحيرة، قوة تجعلنا نعمل، نصنع و نكون، و نتكاثر

---
اليوم و الغد في المرسم الحر هو آخر يومين للمعرض الذي أقيمه عن الرحلة من الكويت إلى مكة "مدد:رصد الحركة" فيه أستعرض مشاهدات الرحلة و تصورات عن المحيط المدرَك  و علاقة البيئة جغرافيًا بالتحولات و التغيرات الإنسانية

No comments: