Wednesday, 25 December 2013

ديسمبر ٢٠١٣: سنة الحيرة

يناير

تجلسين في سكون الحوش الخالي تستمعين بأناة لسوالفها، لأمنياتها، لتذبذب صوتها ذو الرنة المحلية. تشاركينها بنثر الكلمات كالبهار على سمين حديثها. على طول الطريق نرى رجل يعبر، ولدان يتسابقان، و صفوف من الأشجار التي زرعتها الحكومة في مشروع التخضير. يبيعون الفحم على جانبي الطريق إلى المطلاع.

فبراير

اشرح لي علاقتك بالسمسمية، كم واحدة تسرق بالعيد؟ هل تحبها لينة مدورة أم مسطحة و هشة؟ عن نفسي، أحب أن أحدق في النور ثم أغلق عيني لأستطيع مشاهدته في باطن جفني.
النمل كبير هنا، أكبر من غيره على الأقل. لا تقل أنك لم تجرب الحميض، أظن أن هناك أشياء تفقد طعمها بعد أن نكبر، ترى هل طعم لعابنا يتغير؟ أم هي ذاكرتنا التي تهترئ؟
لماذا نُسَرّ من مراقبة النمل؟ النمل و الظل و العجائز، استعراض مسافة باهر. هل أنت ضليع بالمسافة؟ يظن القارئون أن الخالد هو المكتوب، و يظن السامعون أن الخالد هو المسموع، و هكذا..

مايو

إلى التكوين، إن الأرض حامل بالموتى و جلدها تغتصبه الحياة، و الإدراك يديرك و يصنع المُدد. لقد مات الشيطان بعد بناء المصنع.

لا أحد ينظر إليك، لا تستعجل فالوقت قصير، إنه وقت الصلاة فلا تذهب إلى السوق، و المتحف مغلق للصيانة. يفتح المصنع أبوابه من الساعة السابعة صباحًا و حتى الثالثة بعد الظهر لكنه قديم ألفه الناس فلم يعد يراه أحد.

كنت أقرأ في سفر التكوين و في اليوم التالي أقام موظفو النفط مظاهرة للمطالبة بزيادة رواتبهم بمناسبة عيد العمال. كان عقاب آدم على أكله من شجرة الإدراك ألا يأكل إلا من جده و جهده، و عقاب حواء أن تلد سماد أرضه، لكن المصنع قديم الآن لم يعد العرق زيته.

نحن ننسى و الماضي فوضى لذلك نشتري أشياء حال الحوادث. نشيّء الأحداث بها. مدخل منزلنا مليء بالأحداث المشيّأة، و المشيئة بيد الله طبعًا، بيد الحيرة و الوله.

إن في قلب الأنا مدينة إدراكها يصنع مقياس الرسم، و الحوارات معجونة بالوهم الطاغي و لا أحد يريد التسليم للواقع. إن المدينة الداخلية هي التي تقرر فيما إذا كان أمر يستحق التجربة، فيما إذا كان زمن يستحق الرصد. إن التاريخ طوفان غيبي و فترة الرؤية هي فترة الخلق، و الخلق مشروع جمعي.. عضوية التاريخ مفزعة.

يوليو

هل هو الوصف أم هو التتابع الوصفي؟ هل الحميمية مع الثابت أم مع المتحرك؟ تشريح أعضاء الدنيا و كسر التصنيف بالتوصيف. علبة من الناس رقابهم متناظرة. قلب ليس شخصي و أثير أليف راكد حتى يتحرك و لون بعيد و لحن ممتنع و هجرة قريبة كثفها الخطر.

ذهبت إلى عالم نسيجي مفصل بإشارات ضرورية في حالة خطر محكم يشبه تعبير السهل الممتنع. يذهب هذا العالم إلى مكان منقطع مشحون بالخرافة، فيصبح بطيئًا، و يتحلل تدريجيًا و يترسب الباقي على جلد الشخوص الناتجة عن هذا التحلل.
ألسنا من البحر؟ ما هو الرملي فينا إذًا و كلنا حرارة؟ أنحن شظايا الصهير؟ جلدنا غشاء يبطئ برودتنا و أعضاؤنا رغبة الحجر في البقاء.
أنحن جسد الحب منتشر في كرة الأرض بين قرار و فرار، أين نحن.. أين نحن؟

أغسطس

مدة الابتسام و وقت النبات.

سبتمبر

When you're almost convinced that something is true, it slips away to your dreams, maybe to assure you of its mythical substance. And this piece of information can either make you believe or disbelieve.

نوفمبر

هناك روح جديدة في المكان لا أفهمها لكن أشعرها. هل هي حقًا جديدة؟ أظنها طرأت من جديد. هي الأرواح دائمًا في رواح مستمر، و في الترك راحة و في عودة البعيد ألفة رحيمة، ترحمنا من لهث الآتي و ما الآتي إلا المزيد من المسافات حتى نلتقي. كيف أكتب رسالة إلى شجرة؟ هي لا تعود كيف لي أن أرسل طيرًا و أنا أجهل حركة الريح، كيف أحبك و أنا لست عمياء، كيف تحكمنا المسافة و نحن كائنات متحركة؟
كيف نبدو و بنا شعاب من الجوهر، كيف نرحل و قلبنا مزروع. و بذرة تذروها الرياح تحل في حالة سكون يتواراها الثرى فتصبح شجرة، تخيل! بذرة تصبح شجرة، و الشجرة عمرها طويل، ربما لأنها تظل تتغذى من رحم الأرض، تخيل أن تعيش دنياك مربوطًا برحم أمك

رحلات تقاس بمدد الأغاني و عدد المخارج التي نمر بها و حوارات بليغة لكنها لا تبلغ مكانًا و لا زمان، لا تبلغ الجلد الصريح، على الرغم من أنه لم يزل سطحًا، قشرة تغلف الأعصاب.
و أنا أكتب كثيرًا في الشتاء، هي عادة من مخلفات الموسم الدراسي. أحتاج أن أشرع بنسج سجادة وقت جديدة، ربما أستخدم بها كل ملابسي. ليتني أفهم أمري. أمر كالسماء بحالة من الصفاء و التلبد، ربما هو الخوف أو ربما حلم متكرر. لا أفهم شيء أنبئيني أيتها الإشارات بأي شيء... لا أفهم شيء.

كم لعبة تريد أن تلعب قبل أن تعيش؟ كم سؤال يجب أن تجيب قبل أن تسأل؟ و كم من الفضول تحتاج قبل أن تموت؟

ليس هناك رحيل مسالم. كل أنواع الرحيل تلزم احتكاك عنيف بالأرض كما تقتضي العودة حتى لو ظلت العودة مفهومًا أبديًا لن يتحقق.


ديسمبر

الحب ذلك الوهم العظيم الذي يجعلنا نستمر في الحياة.

ربما يكون الحب في ذلك الانتشار الغامض للإحساس بين الغلاف الجلدي و الغلاف الجوي، و منه يولد الرنين الذي يهز شغاف القلب. ربما يكون الحب القوة التي تنقل البعد من حالة مكانية إلى حالة زمنية.

نظرة لحظية لشِعاب من القصص المحتملة هي حياتي اليوم؛ كالنظر إلى مشاة غرباء تمر عليهم أثناء قيادة السيارة.

اقرأ معي سورة الضحى، سورة الضائعين.