اليوم يوم المطر
Monday, 30 March 2009
Sunday, 29 March 2009
قراض فينّا
قصيدة غير معلوم كاتبها محاريها من الخمسينيات من القرن الماضي
يقول من كان تعبان . من مكايد هالنسوان
صاير فكره حيران . شاف الغثا و الأذية
غادي همه ثجيل . من مصايبهم عليل
تايه من غير دليل . منهم زادت بلاويه
اياك لا تصير غشيم . من تجمهر هالحريم
ما فيهم من مستقيم . لو هي عفيفة و حجية
حذراك لا تاخذ الحسود . اللي على الزاد تنود
نار من غير وقود . ما فيها شيمة و غارية
لا تمشي باللي يرضيك . دايم بلسانها تذيك
بين الخلايق تشنيك . زوجي بخل بالعطية
ملسونة و هي زعول . ما تسوى كيد ذلول
السانها حلو معسول . و القلب مظلم داخليه
رفله ما تعرف السنع . دب عمرها ما تقنع
هذي ما فيها نفع . طماعه و هي ضغنيه
تصيح بالويل و الثبور . لو هي تسكن القصور
ان قعدت ما تثور . نفسها شينه و معانديه
كفاره للعشير . طايره مثل بوبشير
لو البستها الحرير . تنكر معروفك موليه
و ان جابت منك اعيال . شفت الوذى و الوبال
ما ينفع فيها الذلال . لو جابت منك ذرية
اتعيش معها بعذاب . دايم دعاوي و اسباب
و الراس من هولها شاب . و حياتك معها شجيه
و ان تنصحها ما تطيع . دايم ابسرك تذيع
ربي ياخذها سريع . و نفتك من هذي الاذية
أسأل الوالي الكريم . يهدي و يصلح الحريم
عدد ما هب النسيم . صلاة على نبيه
و على آله و اصحابه . اللي ساروا بركابه
يرجون رفعة جنابه . بكرة مع عشية
Friday, 27 March 2009
المذكرة الأولى
أبحث عن مذكرات بحّار، ألا أجدها في مكان تعرفينه؟
عندنا في المكتبة أتريدين استعارتها؟
لا، أريد اقتناءها، أريدها لي و بين يدي
أذكر شغفك بها منذ الطفولة، ظننتها عندك
أريدها، لطالما مرت على خيالي نسائم رحلاته
سأسأل والدي، ربما يعرف مكانها
و رحت أبحث عن مذكرات البحّار التي ضاعت فلا ندري سبيلا إليها. بحثت عنها في شارع فهد السالم و الشارع الجديد لقربها من البحر فأخبرني أحد الكُتبية أنني سأجدها في حَوَلّي. و في حَوَلّي تمشيت و كلّي جهل بهذا البحّار الذي أبحث عن مذكراته و لا تعتريني إلا الرغبة الموروثة في إيجاد كتاب ضائع، و في حالتي، كتاب غير معلوم كنهه و لا محتواه.
وجدت المذكرات منسوخة و مصفوفة للبيع في دكان للكتب، ما أحقر نهاية الأفكار و الأيام. اشتريت نسختان إليها و إليّ، أحبها رفيقة الطفولة. أحطت الكتاب بمظروف و سلمته إليها، فرِحَت كثيرارفيقة الطفولة و أوصتني:
كل يوم قبل أن تنامي، إقرأي مذكرة
ودعتها قائلة: أتركك الآن لتبحري معه
و بعد أن اقتنينا مذكراته في جو من المراهقة الساذجة المنعشة، قلّبت أوراقها و فككت رموزها و ما أصعبها من رموز حين تقاطع العين دموع المُقَل، و انتقلت إلى حالة عمرية مجهولة. على المسنّة قرأتها. المطر يهمس للبحر و الموج يغازل الرياح و الرعد يزجر الغيوم فتُعيد دائرة الماء روحَك.
-
أركبت مثلي البوم و السنبوك و الشوعي الكبير؟
أرفعت أشرعة أمام الريح في الليل الضرير؟
هل ذقت زادي في المساء على حصير؟
من نخلة ماتت و ما مات العذاب بقلبي الدامي الكسير
أسمعت صوت دجاجة الأعماق تبحث عن غذاء
هل طاردتك اللخمة السوداء و الدول العنيد؟
و هل انزويت وراء هاتيك الصخور؟
في القاع و الرماي خلفك كالخفير
يترصد الغواص. هل ذقت العذاب؟
مثلي و صارعت العباب
أمسكت مفلقة المحار؟
في الفجر مرتجفا لتكتمل القلادة
في عنق جارية تنام على وسادة
ريشية في حضن سيدها. و رائحة المحار
بإزارك البحري تعبق. و البحار
مملوءة درا سيملكه سواي
كحقول تلك الأرض. يا دنيا العذاب
ما ذاق مرك مثل بحار تقاذفه العُباب
عريان إلا من سواد
تتهيب الأسماك منه. و البحار
أحنى من الأرض التي مَحَلَتْ. فلا عطر يضوع
فيها و لا نبتت كروم
مهما تلبدت الغيوم و أمطرت كل السماء
تبقى ككفٍ بخيلة تأبى العطاء
أواه ياأرض الحرائق و السموم
البحر أحنى من ضفافك، و الشراع
أذرى إليّ من الصنوبر، يا بحار
الملحُ فيك ألذ من عنب الدوالي في المدينة
فخُذي شراعي يا رياح خذي السفينة
سأعيد للدنيا حديث السندباد
ماذا يكون السندباد؟
شتان بين خيال مجنون و عملاق تراه
يطوي البحار على هواه
بحباله
بشراعه
بإرادة فوق الغيوم
بيد تكاد عروقها الزرقاء ترتجل النجوم
يا أرض يا كهف الهموم
من أمس أمس و لم تزالي مثل ماخضة بها مات الجنين
لا السحر ثبّط من جماحك لا و لا الحق المبين
من عهد قابيل و قمحك كل عام
يسطو عليه الدود يا أرض الظلام
مصباحي النفطي يلهث مثل عيني لا تنام
تترصد الآفاق تبحث عن ضفاف
و تهب عاصفة فتطفئه. و يرتفع النهام:
ضوء الشموع
من وهج عينيها فذوبي يا ضلوع
و الجوع و الجُدري في الأرض الحزينة
و ترصد الأسماك للبحّار في غرق السفينة
و الموت في غرقٍ أجلُّ من البقاء
في عالم فيه مكان لابن آوى و القرود
إلا أنا
ما دمت حيا فالبحار
مأواي. أو باع قصير
في الأرض حين أموت. يا ملح البحار
ستكون شهدا عن قريب. و النهار
سيطل مثل عيونها. ألقوا الشراع
و دعوا السفينة يا رفاقي في الضفاف
ها نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة
من رحلة الصيف الحزينة
ها نحن عدنا للمدينة
و لسوف نبحر حين تمطر في الشتاء
فإلى اللقاء [١]
-
و ركضت عائدة إلى بحر خاصمته سبعين عاما، أين غواصي العظيم؟ أين رائحة القفال و زحمة الحريم؟ و ما زلت في اقتراب و أنا أرى على الرمال اللؤلؤ المنثور، و ما زلت في اقتراب حتى صار حبوب قِصّيع و خدود العجوز، داخلها هواء، و تدور مع النسيم و تدور و تدور، لكنها أبدا لا تطير.
يا أيها النائي إلى زمن بعيد، زمن يلطم البحر وجه الأرض على موت الرجال، و أي رجال.
بحّاري الحبيب، في نفسي عادة موروثة أن أكون زاد الأساطير ليحلو ليلك المالح، و في نفسي انتظار لقلائدي التي وعدتني بها... عيناك قلائدي، يا حلاتها حين تلمع بين حكايا الهند و زنجبار. أقصها حكاياك على النساء بفخر النساء، و عندما ترينك عائدا وقت القفال تتلفعن بطرف العباة و تتلفتن على بعضهن و تتهامسن. في البحر عزك و أنا هنا بعبايتي حول جسدي تواسيني، تقبّلني تذكرني بشفاهك الجافة.
بحّاري لقد لفّتنا عواصف الغبار، فاختفت مرامي البحار. لم نعد نجلس بالذرى ننتظر السفينة، و عافت الأثواب عطرك فلم نعد نغسل بالبحر ملابسنا الثمينة. بحّاري اختلط تاريخك بأساطير السندباد، و شاب البحر فلا نرى على الخليج إلا أطفال يلعبون بأطرافه و يتراشقون مياهه و كأن لم يكن يوما مَلِك البحار. بحاري الحبيب، إن كنت حزينا من أهوال تراها، فمدينتنا الآن من لا شيء حزينة.
لست أهوى ترديد أمجاد تقادمتها السنين، و لكني سأجلس على ذات المسنّة، أحيك لك قحفية، و أدعو مع كل عقدة أن تعود و يصدقني الأطفال لعل يولد في قلوبهم بحّارة صغار
١. المذكرة الأولى، مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١
عندنا في المكتبة أتريدين استعارتها؟
لا، أريد اقتناءها، أريدها لي و بين يدي
أذكر شغفك بها منذ الطفولة، ظننتها عندك
أريدها، لطالما مرت على خيالي نسائم رحلاته
سأسأل والدي، ربما يعرف مكانها
و رحت أبحث عن مذكرات البحّار التي ضاعت فلا ندري سبيلا إليها. بحثت عنها في شارع فهد السالم و الشارع الجديد لقربها من البحر فأخبرني أحد الكُتبية أنني سأجدها في حَوَلّي. و في حَوَلّي تمشيت و كلّي جهل بهذا البحّار الذي أبحث عن مذكراته و لا تعتريني إلا الرغبة الموروثة في إيجاد كتاب ضائع، و في حالتي، كتاب غير معلوم كنهه و لا محتواه.
وجدت المذكرات منسوخة و مصفوفة للبيع في دكان للكتب، ما أحقر نهاية الأفكار و الأيام. اشتريت نسختان إليها و إليّ، أحبها رفيقة الطفولة. أحطت الكتاب بمظروف و سلمته إليها، فرِحَت كثيرارفيقة الطفولة و أوصتني:
كل يوم قبل أن تنامي، إقرأي مذكرة
ودعتها قائلة: أتركك الآن لتبحري معه
و بعد أن اقتنينا مذكراته في جو من المراهقة الساذجة المنعشة، قلّبت أوراقها و فككت رموزها و ما أصعبها من رموز حين تقاطع العين دموع المُقَل، و انتقلت إلى حالة عمرية مجهولة. على المسنّة قرأتها. المطر يهمس للبحر و الموج يغازل الرياح و الرعد يزجر الغيوم فتُعيد دائرة الماء روحَك.
-
أركبت مثلي البوم و السنبوك و الشوعي الكبير؟
أرفعت أشرعة أمام الريح في الليل الضرير؟
هل ذقت زادي في المساء على حصير؟
من نخلة ماتت و ما مات العذاب بقلبي الدامي الكسير
أسمعت صوت دجاجة الأعماق تبحث عن غذاء
هل طاردتك اللخمة السوداء و الدول العنيد؟
و هل انزويت وراء هاتيك الصخور؟
في القاع و الرماي خلفك كالخفير
يترصد الغواص. هل ذقت العذاب؟
مثلي و صارعت العباب
أمسكت مفلقة المحار؟
في الفجر مرتجفا لتكتمل القلادة
في عنق جارية تنام على وسادة
ريشية في حضن سيدها. و رائحة المحار
بإزارك البحري تعبق. و البحار
مملوءة درا سيملكه سواي
كحقول تلك الأرض. يا دنيا العذاب
ما ذاق مرك مثل بحار تقاذفه العُباب
عريان إلا من سواد
تتهيب الأسماك منه. و البحار
أحنى من الأرض التي مَحَلَتْ. فلا عطر يضوع
فيها و لا نبتت كروم
مهما تلبدت الغيوم و أمطرت كل السماء
تبقى ككفٍ بخيلة تأبى العطاء
أواه ياأرض الحرائق و السموم
البحر أحنى من ضفافك، و الشراع
أذرى إليّ من الصنوبر، يا بحار
الملحُ فيك ألذ من عنب الدوالي في المدينة
فخُذي شراعي يا رياح خذي السفينة
سأعيد للدنيا حديث السندباد
ماذا يكون السندباد؟
شتان بين خيال مجنون و عملاق تراه
يطوي البحار على هواه
بحباله
بشراعه
بإرادة فوق الغيوم
بيد تكاد عروقها الزرقاء ترتجل النجوم
يا أرض يا كهف الهموم
من أمس أمس و لم تزالي مثل ماخضة بها مات الجنين
لا السحر ثبّط من جماحك لا و لا الحق المبين
من عهد قابيل و قمحك كل عام
يسطو عليه الدود يا أرض الظلام
مصباحي النفطي يلهث مثل عيني لا تنام
تترصد الآفاق تبحث عن ضفاف
و تهب عاصفة فتطفئه. و يرتفع النهام:
ضوء الشموع
من وهج عينيها فذوبي يا ضلوع
و الجوع و الجُدري في الأرض الحزينة
و ترصد الأسماك للبحّار في غرق السفينة
و الموت في غرقٍ أجلُّ من البقاء
في عالم فيه مكان لابن آوى و القرود
إلا أنا
ما دمت حيا فالبحار
مأواي. أو باع قصير
في الأرض حين أموت. يا ملح البحار
ستكون شهدا عن قريب. و النهار
سيطل مثل عيونها. ألقوا الشراع
و دعوا السفينة يا رفاقي في الضفاف
ها نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة
من رحلة الصيف الحزينة
ها نحن عدنا للمدينة
و لسوف نبحر حين تمطر في الشتاء
فإلى اللقاء [١]
-
و ركضت عائدة إلى بحر خاصمته سبعين عاما، أين غواصي العظيم؟ أين رائحة القفال و زحمة الحريم؟ و ما زلت في اقتراب و أنا أرى على الرمال اللؤلؤ المنثور، و ما زلت في اقتراب حتى صار حبوب قِصّيع و خدود العجوز، داخلها هواء، و تدور مع النسيم و تدور و تدور، لكنها أبدا لا تطير.
يا أيها النائي إلى زمن بعيد، زمن يلطم البحر وجه الأرض على موت الرجال، و أي رجال.
بحّاري الحبيب، في نفسي عادة موروثة أن أكون زاد الأساطير ليحلو ليلك المالح، و في نفسي انتظار لقلائدي التي وعدتني بها... عيناك قلائدي، يا حلاتها حين تلمع بين حكايا الهند و زنجبار. أقصها حكاياك على النساء بفخر النساء، و عندما ترينك عائدا وقت القفال تتلفعن بطرف العباة و تتلفتن على بعضهن و تتهامسن. في البحر عزك و أنا هنا بعبايتي حول جسدي تواسيني، تقبّلني تذكرني بشفاهك الجافة.
بحّاري لقد لفّتنا عواصف الغبار، فاختفت مرامي البحار. لم نعد نجلس بالذرى ننتظر السفينة، و عافت الأثواب عطرك فلم نعد نغسل بالبحر ملابسنا الثمينة. بحّاري اختلط تاريخك بأساطير السندباد، و شاب البحر فلا نرى على الخليج إلا أطفال يلعبون بأطرافه و يتراشقون مياهه و كأن لم يكن يوما مَلِك البحار. بحاري الحبيب، إن كنت حزينا من أهوال تراها، فمدينتنا الآن من لا شيء حزينة.
لست أهوى ترديد أمجاد تقادمتها السنين، و لكني سأجلس على ذات المسنّة، أحيك لك قحفية، و أدعو مع كل عقدة أن تعود و يصدقني الأطفال لعل يولد في قلوبهم بحّارة صغار
١. المذكرة الأولى، مذكرات بحّار ١٩٦٢ للشاعر محمد الفايز ١٩٣٨-١٩٩١
Sunday, 22 March 2009
التوكل على المفتي تواكل
إن السؤال عن الحكم الديني في الأمور الحياتية يدل على اهتمام السائل و رغبته في إرضاء الله، و لكن كل ما فيه كثرة يعود بالمضرة فقد أوصى الرسول عليه الصلاة و السلام بالابتعاد عن كثرة السؤال و القيل و القال و النوم و الإهمال. و إنني أرى العديد من الناس يستفتون فيطبقون ما قيل بلا تفكّر و أرى في ذلك ضرب من الإهمال و التواكل، فقد أوصى الله في القرآن بالتفكر و الاجتهاد. و ليس ذلك بأن نتبع المجتهدون و لكن بالاستماع إليهم و مناقشتهم برأينا و محاولة الوصول إلى طريقة بيّنة في أسلوب الحياة ليست بالضرورة موافقة لأسلوب حياة الجميع و لكنها تفيد المعنى المراد من كل حكم
هناك من المفتين ما يقول لك الحكم من غير سبب، و إن أعطاه فهو ليس بالضرورة سببا قد يهمك أو يؤثر فيك أو يضرك، فحكم المفتي عام، و حالتك خاصة. جدير بالإنسان أن يسأل و يبحث و يفكر لكن أن يسلم بما قال المفتي شيئا غاية في الخطورة، و قد يؤدي إلى تغييب الضمير و الضابط و المنطق الشخصي، ليكون بعض الناس في أفعالهم أقرب إلى الأحمق الذي ينوي خيرا فينقلب شرا. غالبا ما يذكر رجال العلم بشيء من الدين بالحديث النبوي الذي ينهى الناس أن يكونوا كالإمعة -أي القطيع- الذي تلحق بعضها بعضا، و لكن عادة يتم استعماله لمثال الجري وراء الشهوات و المعاصي، و لا يراعون ذات الإدراك في اتباع الأحكام أو الفتاوي من غير دراية و لا علم
إن هذا الاتباع الأعمى أصغر في نظري قيمة الفتاوي في زمننا هذا و خاصة بعد أن صارت في بعض الأحيان تسويقية، فاذهب لهذا البنك لأنه حلله المفتي الفلاني، أو لا تنتخب هذا المرشح لأنه يتبرع للكنائس و ما إلى غيره من الأمور التي تؤثر على الناس بطريقة قوية لدرجة أني لا أخرج بشيء إن دخلت في نقاش مع أي ممن يتبع ما قال المفتي لشدة تحجر أدمغتهم باتباع ما قيل و "تبرئة الذمة"على حد قولهم في إلقاء الذنب على المفتي في حال أنه أخطأ
يدور هذا في ذهني منذ زمن إلى أن كتبت البارحة في خانة البحث عن أغنية لليلى مراد (أكتب لك جوابات) و أول ما اوردت صفحة البحث هذا الرابط. إن في فتواه طعن لأدب الرسائل، و إنه كبت لمشاعر ليس فيها أذى و لا معصية، أود جدا سؤال هذا المفتي هل الخيال حرام؟ أعتقد إنه يود إلغاء الخيال من طبيعة الإنسان لما فيه من شيطنة و سوء استغلال للعقل، و حتى لو كانت رسالة هذا الخاطب المسكين فاجرة و مليئة بالشهوات، فالرسالة في تركيبها و أسلوبها و تنسيقها ستخبر خطيبته عن العديد من صفاته فلماذا اقترن الحب بالرذيلة؟ إن الرسالة تعبير كتابي عن الذات و ما أجمله و أنبله من تعبير
و خلاصة القول أن ما أؤمن به أن إرضاء الله هو في التفكر في هذه الحياة و في خلقه و محاولة إخراج المعاني السامية و الحقيرة لأن كلاها يدلنا على الحكمة و الحُكم، و لهذا في رأيي أمرنا بالصلاة، ففي الصلاة توحيد للحركات لكي لا تكون الحركات مصدر شغلنا، و فيها الوقت معظّم للتفكير في علاقتنا بأنفسنا و الخالق، لأن الوقت يوما بعد يوم يختلف كما التفكير وكما النفس
Thursday, 19 March 2009
العندليب الذي سكت
يقول زور بن الزرزور اللي ذبح بقة، و ترس سبعة جدور
كان يا ما كان في قديم الزمان، غابة خلت من الأصوات، فلا تسمع صباح العصافير و لا عصاري القردة أو سهر الذئاب و الضفادع. و أصبحت الحيوانات تعرف بعضها من دبيبها أو زحفها أو قفزها. كان أهل الغابة في غاية الحزن على ما أصابهم فلم يدر أحد كيف اختفت أصواتهم، و لكن ظل عندليب الغابة يغرد بصوته العذب. في أول أيام ذلك المصاب، كان العندليب ُيسِرّ سعادة في نفسه لأنه عندما يبدأ بالغناء تنصت له كل الحيوانات في طرب يصاحبه شجن على حالها. و كانت أصوات حركة الحيوانات تضيف إيقاعا حلوا للسامعين. كانت ألحانه فرِحة لفرحه بالصمت المخيم على الغابة، فصار ينشد كل ما في قلبه من المشاعر و القصائد و الحكايا
و مع حلول الخريف، بدأت ألحانه بالذبول و التساقط مع أوراق الشجر، فكان صوته لا يزيد أهل الغابة إلا هما و حزنا، غير أنه استمر بالغناء بكبرياء الطامع بالثناء حتى انفرد به مديح النفس للنفس. و جاء يوم أصفر آخر، وقف فيه العندليب نافشا صدره و تغطي عينيه مسحة زجاجية تجمع صلفا و وهنا ثم فتح منقاره بكسل، و استجمع نفسه و هَمّ بالغناء. الصمت ما زال مخيما على الغابة، اعتادت الحيوانات سماع صوته في هذه اللحظة، لم يسمع أحد شيئا، و لا حتى صدى، أين العندليب؟ أين العندليب؟
"أين أذهب؟ أين أذهب؟ يالمصيبتي يالعاري، ولّى صوتي ولّى وقاري. إلى أين أطير؟ أي ريح أطيع؟ و إلى أي الأجواء المسير" و شرع يناجي نفسه الهائمة بالفضاء عله يجد في فكره الدليل ففي مثل هذا الحدث على الطيور تنقلب الموازين حتى أنها قد تعمى العين و تُبصر الفِكَر
"لقد كنتُ المستحيل، كنت ما لا يكون، فكيف استحال بي الحال و صار جناحاي أبلغ من لساني، أجناحاي حقا أبلغ من لساني؟ أواه أجل أجل كل ما بي الآن أبلغ من لساني. أمات لساني من غرور أصابه؟ أم عجزت الرياح عن إرسال النغم؟؟ ما من فضاء يضم عندليبا لا يعندل، ما من شجرة تمد أغصانها لعندليب لا يعندل " و هو في هذا و ذاك من التساؤلات في حسرة، إلى الملابسات في المعنى حتى صدم شجرة كبيرة جليلة
"أما تنفك الطيور عن الطيران على غير هدىً، معشر الطيور عميان محلقون" تذمرت الشجرة طاردة الكلمات الأخيرة في همهمة تقرب إلى التنهيدة. ثم أنها هزت جذعها بخُيَلاء و كأنها تومئ إلى العندليب أن يبتعد، و تجاعيد وجهها تشكلت كعجوز كويتية تقول "سْليحَط" فقام الطير من العشب متألما معتذرا بإيماءة برأسه لأخت النملة المتوفاة تحته إثر الحادث و متطلعا بخجل إلى حيث تتجمع ثنيات الجذع و تتعقد لتشكل وجه الشجرة المسنة. نظرت إليه الشجرة في انتظار اعتذاره، فما جاء منه إلا النظر الطويل و الصامت إلى محياها، و ما زال هذا حالهما حتى صار رفّ جفونه أكثر إزعاجا من صمته العجيب، و لوهلة تغير تعبير الشجرة و كأنها أدركت ما حلّ بالعصفور فقالت
"هي الريح تهب علينا تسلب ما نحب على غفلة منا، هي الريح تجرف أوراقي و تسرق الأحوال، لتقدمها قربانا إلى الفضاء" تعجب العصفور من مقالها الذي كان يخرج منها كمناد من قاع بئر، فاستطردت تقول "إن أردت صوتك فهو أسير الفضاء، لقد حدث مثل هذا الأمر منذ زمن بعيد حين ثارت الريح على الأصوات ترسلها كل يوم، فقد حل على الغابة زمن تعطل فيه الجديد و استمر فيه البالي من الأحاديث تتكرر في نفس النبرة و الحين، كل يوم"، فزع الطير من كلامها و قال في نفسه ....لهذا تأخرت سرقة صوتي، لأني كنت لا أُتبع لحنا بمثله، حتى إذا أصابني الغرور و العُجب صرت أكرر على نفسي أناشيدي كالمذكر بأمجاد ذاته، و غاليت في ذلك حتى نفر مني صوتي
ارتسمت على وجهه علامة استفهام كمن يريد أن يعلم ماذا يصنع، و علمت الشجرة بمراده و قالت: "طر بذاك الاتجاه بعيدا بعيدا إلى أن تصل إلى صحراء صفراء واسعة الصفحة، تائهة الأطراف. حتى إذا استوى الأفق خطًا من كل اتجاه تكون وصلتَ مدينة الرياح" فطار العندليب مقبلا على أمله الوحيد
و رفرف العندليب حاملا هم صوته المسروق، يشق الريح كمن يريد الثأر منها، لقد كانت الريح السارقة هي التي تحمله على ذراعيها إلى مدينتها، لعوب كانت الريح تداعبه و تصفعه، تدفعه و تثنيه تحاول التغلغل إلى قلبه لتكشف مصنع عزيمته و هو يراوغها بكبرياء العدو الذي لا يستطيع الاستغناء عن عدوه
وصل الطير مداه بعد يومان و ليلة، و استراح ينتظر الفجر في غُبشة ليلة غابت فيها النجوم، و ما درى أمن غشاوة السحاب غابت النجوم أم من غشاوة العيون المتعبة. و راقب خيوط الفجر تغزل ألوان السماء و نهض بعد الصمت الجليل دويٌ اهتزت معه الأجواء، و أحس العندليب بالفضاء يزدحم بلا أحد فترفعه الرياح و تحطه كأن الأرض انصاعت للسماء فما لها حُكم و لا ثبات
أغمض العندليب عينيه و أسلم نفسه للرياح ترقص به بأهازيج جميلة، فأصواتها مألوفه لكن أنغامها تعانقت بانسجام ساحر عظيم، آمن العندليب بطيب نوايا الرياح، و فهم مرادها و أسباب ثورتها. أدرك أن الأصوات سرقت لما لها من قيمة أفقدها إياها أصحابها، سرقتها الريح ليعلو القدْر بالفقْد. و بفهمه لمنطق الرياح، قرر أن يحمل عبء تبليغ أهل الغابة و لكن بدون خطبة صريحة ولا تغريدة فصيحة، و إنما بخطة وكيحة. و هوى على الأرض يجمع أوراقها و عيدانها، و حاك منها كيسا و طاف على الرياح يجمع أصوات أهل مدينته حتى إذا ملأ كيسه و احتدمت الأصوات فيه، آب إلى دياره مسرورا مسِرّا أمرا عظيما
و مع بزوغ الفجر بزغت المدينة عند مرمى الأفق، و عندما بدأت قمم أشجارها تداعب ريشه فتح الكيس و ألقى بالأصوات بعشوائية، فأعطى الغزال النقيق و القردة البطبطة، و الهزار نعيقا و الحصان نهيقا، و تبلبلت الألسن و تبدلت و صارت الحيوانات تبحث عن بعضها بعيون تائهة لا تدري أتفرح لعودة الأصوات أم تجزع لاختلاف صوتها عما كان في سابق عهدها. اختبأ العندليب في ثغر رفيقته الشجرة و صار يراقب الحيوانات من بعيد، كانت تستحي الكلام و الغناء في البداية، لكنها بعد عدة أيام، و للبعض بعد عدة شهور صارت تحاول الانسجام، فصار الغزال بنقيقه يحن لضفدعة بسليلها لاختلاط صفاتهما، و بدأ نوع من الإبداع في الغناء و الحداء لتجربة الأصوات التي لم يألف أحدهم أن يصدرها
و بعد أن اطمأن العندليب على ارتعاشات الحياة بين أهالي غابته، لم يعد يشعر أنه ينتمي إليها، و هو الذي ظل على صوته وخرج عن قانون عهدهم الجديد الذي صنعه، إلى تجربة أدهى و أشق، فتغيير أصوات الحيوانات ألزمها تجديد أساليب التعامل و الحوار و لكن بقاء العندليب على صوته يلزمه تجديد روحه، فقرر الترحال مع الريح علّه يستمد منها ما يجعل وقع النبضة بعد النبضة أروع
و بين الحين و الآخر يراود العندليب شك الخطأ و الصواب فيما أحدث في تلك الغابة، لكنه كالقدر، لا يندم على شيء
Saturday, 7 March 2009
ورشة عمل
[you need a FaceBook Account to enter this page]
لا أحد يستطيع أن يعرّف الثقافة و لا أن يحيطها بإطار، فهي متغيرة و متبدلة تعكس حياة المجتمع و الفرد على فترات متباينة، و تعكس ردود أفعال الإنسان لتاريخه و زمنه. لكننا نستطيع القول أن في الثقافة و الفن راحة للروح و ملاذ نقف عنده و نتأمل أكثر فقد يكون بين وشوشة الناس عن لوحة، أو بين معاني محاضرة، شفاء لأسئلتنا، و هدوء لتجهمنا، و أنس لقلوبنا، فنقدر الحياة أكثر، فعندما تكون لنا قدرة على وصف تصور للحياة، ينشأ لدينا وعي لمعيار جمالها
أرجو منكم المشاركة في ورشة العمل لجمع المعلومات حول الأنشطة و المؤسسات الثقافية في الكويت من خلال هذه الصفحة
إضغط على الصورة للرابط، علما بأن الرابط لن يظهر إذا لم تكن مسجلا في البرنامج المستخدم
أرجو منكم المشاركة في ورشة العمل لجمع المعلومات حول الأنشطة و المؤسسات الثقافية في الكويت من خلال هذه الصفحة
إضغط على الصورة للرابط، علما بأن الرابط لن يظهر إذا لم تكن مسجلا في البرنامج المستخدم
Friday, 6 March 2009
خطبة الجمعة في جبلة
انا الآن في مدينة الكويت نتناقش في احد التصاميم، فبدأت خطبة الجمعة
تسمعين؟ بأي لغة قاعد يخطب؟
مادري توني باسألج
شقاعد يقول؟
بعد فترة فهمنا انه هندي يخطب بالعربي، مر الوقت و بدأ يقرأ بالصلاة
هذا شكله غير اللي يصلي كل يوم
اي لاحظتي، صوته وايد أحلى من كل يوم
الظاهر لأن يوم الجمعة
صوته وايد أحلى
صوت اللي عادة يأذن مأساة، لدرجة إذا فاتحين الدرايش نصكها. اتمنى أي أحد ممكن يوصل هالمعلومة عن مسجد الساير في جبلة، اذا ما قدروا يغيرونه خل يقولون له لا يلحن الأذان لأن مو إلا و لاهو فرض، بس قول الله أكبر و كمله لفظ عادي من غير إطالة أو تلحين لأن مو من حلاة الصوت
في الأردن، مهنة المؤذن غير موجودة، فهناك صوت تسجيل للأذان من شخص ذو صوت متمكن، هذه فكرة أتمنى تتطبق في أي مكان فيه قصور صوتي
Thursday, 5 March 2009
مارس ٢٠٠٩
يلفني حزن رحيب و صمت يصارع الموت، و فاتِنَتي روحٌ جليلة. أعلم متى يرسلني الله و متى يرسِل إليّ، فأنا لا أؤمن بالصدفة لأنها التقاء تصادم لا تعلم فيه من المتجه إلى الآخر و لا مَن المُرسَل إلى الآخر، فالإيمان بالصدفة كالإيمان بظاهر الشيء من غير بصيرة، و ما تبطنه الصدفة من اتجاهات و أسباب صعبة التصديق؛ كالإسلام لدين جديد
إن لكل منا معشر البشر درجة من القداسة و درجة من الحقارة، تخبو و تعلو و تتبدل في لحظة من جنون مؤقت تأتي علينا كاختلاس من الجن أو نبؤة من السماء. و في هذه اللحظة نصدِّق، و في ذات اللحظة نكفر سواء تشابه الزمان و المكان أو اختلفا أو تخالفا أو تخلّفا
و في كل نفْس نشاطان؛ معترض و منساب. تروي بذلك حاجة الحياة و اللا حياة في آن واحد، و في خطوط متوازيات من الخيال و النوى و الإلحاح و اليأس و الضعف و الرغبة و السكرة و المجون و التمني و الهوان و البأس و الاتصال
و في محاولات و تجارب الجمع بين ما يريني العالم و ما أختار أن أرى، تتسرب مادة الشك و التي هي مقدمةٌ للقبول و الفهم
Subscribe to:
Posts (Atom)