Saturday 8 May 2010

أريد أن أصبح

تكلم سفيد في موضوعه الأخير عن أحلام الطفولة، و عندما بدأت في التذكر طرأت عليّ من أموري عجيبها فقد كانت طفولتي تلخص بحبي للقراءة و الرسم، إلى جانب ركوب الدراجات و المهايل في أرجاء المنطقة. أذكر أن إبن عمي كان يحلم أن يصير طبيباً أما أنا فكنت أريد أن أصبح رسامة، و لكن عندما قال لي والدي أن الرسم ليس مهنة و إنما هواية، أجلت أحلامي إلى إشعار آخر. بدأت أقرأ من قسم الأطفال في مكتبتنا، و بعد انتهائي من قصص الأنبياء قررت أن أصبح نبية، لإعجابي بمقاومة النبي للعب مع أقرانه و هو صغير، و تأمله في غار حراء و الذي يشبه في عقلي الصخور المحاذية لشاليهنا. كنت أفكر كثيراً بالمثالية و كيفية الوصول لها، و لهذا و بعد بحث طويل عنها أحسست و كأني جحا في قصته مع حماره و ابنه عندما مشوا معاً في مشوار فمروا على ناس أشفقوا على الصبي الصغير الذي رأوه و قد أرهقه المسير، فأركب جحا الصبي على ظهر الحمار، ثم مروا على جماعة أخرى استنكرت وقاحة الصبي في ركوبه الحمار تاركاً أباه ماشياً، فركب جحا مع ولده إلى أن رأتهم ثلة من المهتمين بحقوق الحيوان و لاموا جحا على إجهاده الحمار و انعدام روح الشفقة فيه. حار جحا بحاله فحمل الحمار على ظهره و أتم مشواره و الكل على هيئته اتهمه بالجنون

حارت فيني المهن و الأفكار و التوجهات، و لكن مثالية النبوة كانت تؤرقني، فهي شيء غاية في الإرهاق، حفظت بسببها الشعر و القرآن و شاركت في التمثيل و التسميع، إلى أن وصلت منهج التربية الإسلامية في المدرسة الذي فيه يذكر استحالة ظهور نبية، خاب حينها ظني و قررت أن أدخل العمارة لأنه التخصص الوحيد الذي لا يتطلب -حسب نظرتي آنذاك- إلماماً بأمر واحد بعينه و إنما معرفة عامة مع صقل لمهارة الرسم التي أملكها -منطقياً في المدرسة الطبيعية أو التصويرية على غرار المثالية-، بالإضافة إلى أن المناهج الدراسية اتفقت بالإجماع إلى أن الله خلقنا لعبادته و عمارة الأرض. تخرجت معمارية، و لكني أدركت بعد تخرجي أنني لست حقاً شيئاً واضح المهنة بعد -حتى حكومتنا لم تعترف بهذه المهنة بعد-، أعرف أنني طرحت المثالية جانباً لأدرس اللبس و بدلت المدينة الفاضلة بالمعادلات الخاطئة، و قنعت بألا أحاول معرفة نفسي و من أكون و ماذا سأصبح إلى أن توافيني المنية، و اعتمدت قراءة الفنجان و الكف و الأبراج في تخيل ما قد سيكون من جانب الترفيه و الفضول المصاحب للشك... أما ابن عمي فقد صار طبيباً

8 comments:

Fahad Al Askr said...

مثالية النبوة لا تؤرق إلا من كانت له ليتحملها

Deema said...

إلى كل من قرأ الموضوع قبل تعليقي هذا أرجو مراجعة ما كتبت مرة أخرى حيث أني أجريت بعض التعديلات

Safeed said...

هناك مثل إيراني، صديقي دائما ما يقوله لي، ترجمته: الذي يريد كل شيء لن يحصل على شيء، والذي يريد شيئا سيحصل على كل شيء

حين تتنوع أحلام الطفولة، تصبح أوسع من أن تقدر على أن تأسرنا، فنتوه حتى ننتهي في "اللاشيء" قياسا بما أردناه

حين أتذكر طفولتي، لا أتذكر حلما محددا، لا شيء .. وربما كل شيء .. لذلك انتهيت إلى اللا شيء

فيما يُنسب للشيخ ابن سينا ما معناه: من يطلب علم كل شيء لن يعلم! ..

كنت لا أعلم ما أريد أصبح! والآن لا أدري ما أصبحت

:)

لي تعقيب على الموضوع السابق، ولكن سأستسمحكم لأؤجله لأيام
:)

Deema said...

فهد
بس بعدين اكتشفت إنها إما كل شيء أو لا شيء، العبرة بالإيمان

-

سفيد
تسمح تذكر المثل بالفارسي؟

ربما أكون بدأت بلا شيء و انتهيت بلا شيء و التي بالضبط ترادف أن أكون بدأت بكل شيء و انتهيت بكل شيء و التي في النهاية لا توصل الإنسان لأي علم على قولة ابن سينا

و لكني آمنت أن الزمن و الوعي هما معاقل العلم و الجهل، فمهما قيل عنا مخيرين، فنحن مازلنا مسيرين مادام الزمن سائر

فنحن نكون ثم نكون و لا نتوقف إلا إذا قررنا خيانة الزمن، و لا أدري كيف هذا يكون، ربما بالموت؟

المسميات تعطي تحديداً "مثالياً" لما وصل الناس في حياتهم، و لابد من استعمالها في أمور الحياة اليومية، كنعتي لابن عمي بالطبيب، فلا أدري بم مر للوصول إلى مسماه، لكني لا أعرف سوى لقبه

Anonymous Farmer said...

Didn't read the post, but the title (and the first couple of words) reminded me of Randy Pausch's lecture on trying to realize our childhood dreams.

Here's the link.

http://www.youtube.com/watch?v=ji5_MqicxSo

We had to watch it for class, I'm sure you've watched it before.

It's pretty awesome.

Flamingoliya said...

عمري ما طمحت للمثاليه بس كنت دايما اشوف نفسي مثاليه
:P

وبما ان العالم الذي نعيش به غير مثالي
قررت الا استمر بالمثاليه
:PPP

a serious yet funny post
ضحكتيني علي تمني النبوه وعلي اعتماد قراءه الفنجان

بانتظار قراءتك لكفي
:)

Safeed said...

باللهجة 'العيمية' يُنطق

هرجاه بيري نه جاه نميرسي
يك جاه بيري هر جاه بيرسي

ولكني لست متيقنًا من صحة الكتابة الفارسية تمامًا.

نحن مبدؤنا بـ لا شيء .. ولكن منتهانا ليس كذلك، إلا لمن شاء

:)

Anonymous said...

Lol deema I remember when I was in 4th grade I thought I was in fact "nabiya" I was waiting for the sign so I can start telling people. Then they told us Mu7ammad is the LAST nabi. And then I got my period :/ life sucks