Sunday 27 February 2011

حيوان إنسان معدة منطاد

الله مضر، الشيطان يوسوس، و النفس أمارة بالسوء، و الإنسان خَلْق من طبيعة و طبع من خُلُق، يستعير الصور ليفهم، كما يحس بالمادة ليؤمن.

عندما تعلمت أن القلم سلاح، بدأت به أزخرف الأنداد، ثم صار القلم يشهق روحي ليزفرها ريحاً عجيبة، فإما يكون قتالاً رائعا تتوهج به الدماء داخل الجسد، أو يكون الند محض نفّاخة؛ تحبس الهواء حتى تنفجر أو تذبل، و كلاهما موت. و إما ينفخها ناراً مقدسة، نورها أسطورة سماوية تبشر بدين التوحيد، أو تكون محرقة؛ تحترق بها الروح ليطير الند منطاداً.

أو معدة معتدة تظن المعاني مادة تؤكل لتشبع و تعيش و تكبر.

الله مضر، الشيطان يوسوس، و النفس أمارة بالسوء. الكون مجبول على الشر، لذلك كانت الأخلاق، و هي على لسان الحيوانات أوقع، لأن خُلُقها طبيعة، و هي لا تسبب الغريزة، فسلوكها طاهر من دناسة العقل.

لكن الأخلاق عند الإنسان تعارض طبيعته، و معارضة الطبيعة لا تعني مقاومتها و لكن مقاومة غايتها، و عليه فليس من الأخلاق ألا تأكل و لكن من الأخلاق ألا تأكل حتى الشبع.

إن متباينة الإنسان و الحيوان في مسألة الأخلاق تظهر في الصراع، و الصراع مجال تتحرك به متناظرات الحياة لتكون العلاقات و تصير. و لأن الأخلاق عند الحيوان طبيعة، يمتاز الإنسان عن الحيوان بمتناظرة الخير و الشر؛ الخير مشتق الأخلاق، و الشر مشتق المصلحة. و مقياس الحكم هو المعروف و المنكر.

و في حال تغيير الأحكام يثور الإنسان و يغزو غيره للبقاء لكن الحيوانات تهاجر و تأكل للبقاء، و يشهق الإنسان و يزفر لكن تنتفخ المناطيد و تطير. فالمعروف و المنكر عند الإنسان بالذات كمؤشر الزمن، أبداً في تغير. و لما يكون الحيوان الأقصى خُلُقا، تكون السطوح و الأشياء و المصنوعات الأقصى طبيعة، أما الإنسان فهو البعد بينهما.

و هكذا أقيس الإنسانية حتى إشعار آخر.

Wednesday 9 February 2011

في ثورة مصر

من كتاب "أنا عائد من جنوب الجزيرة العربية" لأحمد السقاف الذي صدر عام ١٩٥٥ بعد ثورة العقيد أحمد يحيى الثلايا على الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين أواخر شهر مارس عام ١٩٥٥، و أعيد طبعه صيف ١٩٥٦ و طبع للمرة الثالثة لدى قيام ثورة سبتمبر ١٩٦٢ على الإمام البدر التي تزعمها عبدالله السلال، و يتضح في هذا الكتاب قوة تأثر العرب ببعضهم، إلى درجة تشككنا بفاعلية الحدود، هذه أبيات من قصيدة للشاعر محمد محمود الزبيري و الذي يعد من قواد حزب الأحرار اليمانيين في منتصف القرن الماضي، تغنى بها بمناسبة عيد جلاء القوات البريطانية عن مصر عام ١٩٥٤، و هاهي الآن تخرج من مجالها التاريخي معلنة مهداً جديدا

أيـهـا الثــائـرون في مـصر ثـوروا - كــل يــوم و عــلـمــونـا الـفــــداء
قد قبستم في الصخر روحا و في - الثلج سعيراً و في القبور ضياء
حـطمـوا كـل صـخـرة في طريــق - الشعب، فالـشعب لا يطيق التواء
قـد صـنعتم للصـقـر ريـشـا فـلـن - يسكن سجناً و لن يرى السجناء
و قـد حـتـم لـه شـعاعاً فلن يروى - صــداه حـتـى يـعـــب الــفـضــاء
سـوف نـمـحـو الأصـنــام حــيـث - وجـدنـاهـا و نـلـغي وجودها إلغاء
سـوف لا نخـفـض الـرؤوس مـن - الـذل و لا نـذرف الـدمــوع بـكــاء
سـوف لا نـسـتجدي حقوقا و لا - نـشـكـو سيـاطــا و لا نـداري داء
إنــنــــا نــــأخــــذ الـــحــقـــــوق - و لن نقبلها منحـة و لا اسـتجـداء
سوف لا نرتضي سوى الشعـب - حكـامـا و دستـوره العتيـد قضـاء
 سـوف لا تـأخـذ الـخـيـــانـة إلا - هـمـلا مــن صـفـــوفــنـــا أو غثــاء
سوف لا يشـتـري الطغاة سوى - عبــد نـبـذنـاه فاسـتـحـــق الـرثــاء
كـــلـمـــا أطـعــــمـــوه سـحـتـــا - تغـنى فـاتحا فاه يـسـتـزيد العطـاء
لا يـبـالـي يـبـايـع اللـه صـبـحاً - ثـم ابلــيـــســه الـلــعــيــن مــســاء