Friday, 3 April 2009

بين المادح و الذام و أصل الكلام


إن الحكم في الأمور و على الأشياء هو غاية التجارب و أصل الكلام. لكن الغاية ليست النهاية، إنما هي نقطة يتحول عندها الحكم إلى حدث آخر تابع له و على أساسه يكون الأمر أو الشيء يمر بسلسلة من التحولات الغير منتهية، و لهذا فإننا نرى ظاهر التاريخ متشابها حتى إذا رأينا ردود أفعال الناس لتلك الأحداث من سنة لأخرى بان اختلاف واضح للفكر المتغير على وقائع التاريخ التي لا نستطيع أن نجزم بثباتها. فتحليلات فيلسوف عن أحداث الحرب العالمية الأولى، قد تختلف في حينها عن تحليلاته لها نفسها بعد عشرين عاما منها. إن الزمن يغير الأمور و إن ذلك من طبائع الحياة التي قد تخرج حتى من إرادة الإنسان

عندما يبدأ إنسان في إعادة النظر في الشيء و شرح رأيه الجديد فيه بعد مرور الزمن، نرى تابعا مباشرا لهذا الفعل أن ينقسم الناس بين المستحسن و المستهجن كلٌ راد الفكرة لأصل في ذاته، و ذلك يحول منهج التفكير و التحليل إلى منهج جماهيري يبدأ فكريا و ينتهي اجتماعيا. يكمن الخلل في المنهج الجماهيري إلى أنه يولد التباسا بين الفكرة الجديدة المبنية على أصل معين مع وعي ببيئته و حكمه السابق، و بين حكم مبني على فكرة جديدة، و جهل بأصله و حكمه السابق

اللغة هي ما تسبب الالتباس، فخطورة اللغة هي قدرتها على أن تكون لعبة، يستطيع فيها أن يكون الجاهل فنانا و الضليع مبتدئا. فتضيع الموضوعية إلى حديث رائع في أطراف الموضوع تعيدنا إلى الوراء حيث نقطة الحكم و نظن أن المتكلم ينظر إلى الأمام في شيء لا نراه، و لا يراه هو ، و بذلك ينشأ التغييب الكامل لأصل الأمور و الأشياء. إن المقصد في القول أن أمر الاستحسان و الاستهجان أمر لا يجوز البت فيه حال صدور فكرة جديدة، إلا إذا كانت تخلو من القيمة أو الجديد. و عليه يجب على المتلقي الابتعاد النسبي عن معتقداته لأن الجديد هو من أصل المعتقد لكنه تغيير للرأي فيه، بالضبط كما يبتعد الفنان عن لوحته لتأملها ثم يرجع لإضافة خط آخر

و على ذلك فإن الفكر الجديد، و النظرة الخلاقة عادة ما تنشأ و تتضح رؤاها عندما يغيب عامل المدح و الذم أو عندما يصعب الحكم فيه. و اللغة هي الفيصل في الأمر. و الصورة هنا ما هي إلا تجربة تبين أن لكل أمر ترتيب لأبعاده و لكل شيء علاقات قد تبتعد عن قانون الإدراك الفردي، و ايجاد علاقات بين أشياء و أمور هو بالضبط ما قد يتصادف مع بعض في صورة، خارجة عن إرادة الإنسان و لا تحتمل وجود مادح و لا ذام


3 comments:

The Simper said...

nice words.. can u go back and RE-WRITE those words with the mentality of the liberal? or the mentality of the religious? or the mentality of the culturalist? or even the mentality of the scientist!

is it gona be the same for all of those people?



a note on the pic:

was it taken on a quick snap? it is not well balanced to way i see it.. these days i am applying the balance formula on many things in life.. things i see and things i hear/know.

Deema said...

The Simper,

As I was writing the thought images of all angles were passing by. the thought is more philosophical tackling the way of thinking and the means of expression, a general thoght that you can apply in any field, using a categorized example wouldn't do any difference. cause it will be an application.. a certain thought usually need not an application but rather an experiment.

..balance.. the ground wasn't straight ;p really!
you can see the vertical lines are straight, but the one on the left because it is an old building, and the horizontal lines all tilted because of the ground.. I took like 5 shots of the same place just to catch the most balanced.. it is really a difficult composition.. and I would agree that it is still out of balance.. maybe I will go shoot it again and again.. :D... this place needs to be shooted in many times i suppose..

Dalal said...

A Balance .. why trying to catch it, & is it existing or not in the first place?

Finding the Balance of the picture means "Judgment", right or wronge, bad or good, as u mentioned in ur article, الاستحسان او الاستهجان

صعوبة تركيبة الصوره تعود الي انها كما اسلفت : قد "لا تحتمل وجود مادح و لا ذام" وحيث اننا في تفسير الامور نعود للاسباب "you can see the vertical lines are straight, but the one on the left because it is an old building"فاننا هنا وفي نفس المقام قد حددنا احكامنا التي اصدرناها نسبة الى معرفتنا وخبراتنا.

أرى ان الصوره بتركيبها الصعب كما اوردت تعكس ما جاء في المقال

مادري ليش تذكرت مادة مدخل منطق :)

يعطيج العافيه