Tuesday, 1 September 2009

على حافة الرخام

ذهبت إلى مساحة مستطيلة من الرخام المجلي الخالي من خرائط العروق يجلس على حوافها الناس و يتوجهون بأطرافهم إلى جانب الضلع الأصغر من المستطيل و يستمعون لشاعر مُقاومٍ لانفعالات الحديث. كان يتكلم في البداية عن انعكاس الجالسين على صفحة الرخام و كيف أنه مهما رأينا أشخاصا يشبهوننا من خلالها فنحن ما زلنا أفرادا لم و لن نتكون من انعكاس و إنما خُلِقنا من العدم و لابد أن نكون نحن من نرسم صورتنا على الصفحة لا أن هي ترسمنا. و فصّل بأننا نفهم من انعكاس صور الناس بالمقلوب هو أن المدى الذي ننتهي نحن عنده جلوس إنما هو ثنية من ثنايا الفراغ و لكننا دائما في شك من وجودها ندركها إذا اعترض أبعاد الجلوس رجل يظهر في منتصف المستطيل و ننساها إذا اختفى ثم تساءل عن علاقة الحركة المستمرة للفرّاشين الذين يقدمون الماء للجالسين مع المدى، و دار النقاش بعد ذلك حول الفرّاشين كبُنْية تحتية و كيف أن تنقّلهم و ترحالهم أدى إلى إدراك مغاير للمدى مقارنة مع إدراكنا له في مثال الرجل الذي يظهر في منتصف المستطيل ثم يختفي فثنايا الفراغ تزداد و تتكاثر مع حركة ناقلي الشاي و الماء.

و لكن قاطَعَتْه المشربيّة الُمنارة بالنيون من خلفها أن أفكارنا حول المدى لا يهزم بعضها بعضا و إنما تُغزل فُكاهياً للضرورة. فاحتكاك أزمنتنا يجبرنا على الاختلاف و لسنا نحن من اخترنا ذلك.

ثم جاء شيخ كبير، و قال للحاضرين بأسلوب المُعلِن: لا وجود للمدى! إنما هي أسطورة افتعلناها لنعرف أماكننا في هذا الفراغ الأملس. و ذهب. ابتسمتُ لهذا المقال ثم التفتُّ إلى الناحية الأخرى من ضلع المستطيل الأصغر فرأيتُ مِنَصّة خالية تأملتها قليلا ثم مضيتُ و أنا أتساءل متى تظهر عروق الرخام؟

4 comments:

Fahad Al Askr said...

عجزت عن وصف صوت التصفيق الذي ضج بالمكان ما أن أتممت القراءة

Deema said...

:D

و أخيرا انتهت الصّخّة

يعَيْشك يا فهد

iDip said...

و انا بعد وياكم
وين العروق؟

1 بخبز العروق
2 بالماي
3 بالحلقة الجاية

==========

لا أحاول أن أتحدث بلسان الكهل ولكني أحسست بعد قراءة الموضوع بنوع من النوستالجيا لماضٍ قريب، تذكرته من خلال ما دُوِّن

وهنا أريد أن أعالج أحد جوانب النص بطريقة لا أعترف بصحتها وهي تحديد موقع النص من الخط المائع الفاصل بين الأخطاء الإملائية وإملاءات العقل الباطن يعني
The blurred line between typos and subconscious

وأقتبس التالي
كان يتكلم في البداية عن انعكاس الجالسين على صفحة الرخام و كيف أنه مهما رأينا أشخاصا يشبهوننا من خلالها فنحن ما زلنا أفرادا لم و لن نتكون من انعكاس و إنما خُلِقنا من العدم و لابد أن نكون نحن من نرسم صورتنا على الصفحة لا أن هي ترسمنا
انتهى

تحدثت عن انعكاس الجالسين
وعن
الانعكاس
وعن
الصورة
وعن
صفحة الرخام

وقلت من خلالها
و أدعي أنك تقصدين بذلك من خلال انعكاساتنا
وهي كلمة لم ترد في النص لكن قد تضيف له أو تحوره
فقد يكون الضمير عائد لأكثر من شيء لكني فضلت اختيار الانعكاسات لأدخل في تساؤل عما إذا كان لنا انعكاس واحد يربطه فوق المكان فوق الرخام ويربطه الرخام تحت المكان
أم
أننا متفرقون فوق الرخام وتحته، أي صور أو أجسام وانعكاساتها

آسف على التأويل الذي قد يدخلني في عقائد الباطنية، فأنا "بطيني" ولست بباطني

والسلام

Deema said...

iDip,

١،٢ قبلناهم لكن ٣ إنسى أصبر عليها

اللحظة التي تظهر فيها العروق ما تقول تعال باچر فهي تجتمع بها خطوط الزمن شكّة وحدة

مثل أول فقرة من كتاب

أما بالنسبة للموضوع الثاني، فأنت صائب في وجود اللبس، فقد كنت أظن أن الشاعر هنا لم يكن يتحدث عن الانعكاسات نفسها و لكنه تكلم عن مفهوم أو ظاهرة الانعكاس التي حصلت للجالسين على المدى أو الحافة، فالفقرة كما رأيتها تصير لا تتحدث عن اختلاف الانعكاسات و إنما عن العلاقة بين العاكس و المعكوس و عن تكوينهم لمدى أو مستوى مشكوك في معناه أو وجوده

أما مفهوم الاختلاف هنا فظهر بعد ذلك من خلال اختلاف إدراكنا لبُعد المدى
فهل هو إيماننا بوجوده أو عدمه، أم هو مجموع مدارك عديدة تأتينا من كل مكان ـــــ و لا نأتيها؟

و بما أني رأيتها كظاهرة انعكاس فتأويلك الأول هو أقرب علاقة بما رأيت أنا فقط، ولكن تؤيلاتك الأخرى قد تتعلق أكثر بما رأى غيري، فلا أستطيع اختزال أو حذف أي منها

كنت سأوضح الكلمة، لكن قلت أحسن أخليها
as a quasi-cause
، لأني أبيها تتحمل كل لبس و تأويل، فلولا اللبس لما تخيلت أنت تأويلاتك الجميلة

بالإضافة إلا أني ما أشوف إن الموضوع بكبره واضح أصلا، فعقلي الباطن مثل ما قلت مشتغل عدل

الظاهر الصيام يفرز مادة مخدرة :)

شكرا