Saturday 6 June 2009

نحن و الغبار

إن ما نمر به من أحداث و ما نعرف من أشخاص و ما نصادف من أشياء حقيقة كانت أو أحلام ما هي إلا خيوط تغزل شخصياتنا و ما ظهر و ما لم يظهر من صورنا. لقد كنت أجلس اليوم مع طفل يرسم وجها، و عندما فرغ من رسمه، أحاط الوجه بدوائر كثيرة، و عندما سألته عن السبب قال ضاحكا: إن له وجوه كثيرة

إن الوجه كما قال وجوها كثيرة، و لكننا لسنا مرآة لما حولنا و لا شيئا يشبهها، إنما الوصف الأقرب هو أننا نسيج من الكل المحيط بنا و الكل الذي بداخلنا و لحظات من التوحد أو الانسلال التي تحدث تبعا للمقاييس المكانية و الزمنية. فهل تتغير المقاييس المكانية مثلما تتغير الأحداث معنا؟

هناك من يشكو رتابة الأحداث، و هناك من يشكو عدم استقرارها، و هناك من يشكو رتابة المكان، و هناك من يغير كل يوم مكان معيشته، و هناك أيضا من يصر على وجوب الرتابة في الأحداث و الأماكن

الغبار هو أحد أمثلة نظرية الوجوه الكثيرة التي قال عنها ذلك الطفل، فالغبار يمر على مدينة، فتختفي أشياء و تظهر أشياء، و يضيع الأفق لانعدام الدليل البصري على وجوده، فنرى الدنيا بطريقة مختلفة، نراها تصبح شخصا آخر، لا نستطيع القول أنها تجردت، لأنها بلا حقيقة ثابتة من الأساس، فمن يستطيع القول أن الجو الصافي الذي تصبح فيه السماء زرقاء هو الطقس الطبيعي، أو الطقس المنطقي لهذا الوقت؟ و لكن نستطيع القول أنها كشفت عن حقيقة أخرى، مكان آخر، و زمن آخر

فكيف يؤثر ذلك على تفكيرنا و ترتيبه و تتابعه؟ و كيف يؤثر على قراراتنا و أفعالنا؟ و كيف تلعب تلك التأثيرات بأبصارنا فترتبط بأصل العلم بالشيء و تكوينه و تركيبه الذي قد يرتبط بتركيبنا اللغوي للجمل، فنجعل في لغتنا الفعل في البداية، و عند شعب آخر يكون الفعل في الوسط، و شعب ينهي الجملة بالفعل؟

و تتبدل الطقوس و الأجواء و تتغير و يمر على الناس كل يوم أشياء و ناس و صور و أصوات و تعابير و تقاسيم، و لازال الناس يؤمنون بالحقيقة الوحيدة.. ألا يعني ذلك أننا نحن من يوحّد الحقيقة و نحن من نتحكم بماهيتها؟

15 comments:

The Simper said...

so, are we doomed for the rest of our future to be DUSTY and living with the mental state of DUST in our life? if you know what i mean?

there are so many negative aspects in all of the peoples of the world, yet they overcome it.. yet i stil wonder if SOME who might market the idea that DUST is US and WE are DUST?

that is part of the mental drift i encountered when i read your intelligent words..

Deema said...

The Simper

you see that's the point; if we want to see dust in your way we will be chasing ourselves in an endless circle we should start to see it really differently which is away from its local metaphor to being old or worn out..

and i think this idea is already marketed without giving us a material or an example to clarity.. focusing on the approach to clarity will give us the instinct we need to solve any subjective dilemma..

i don't want to clean the dust, i want ,instead, to look at it and explain it in the "knowing" sense thus make morphology confronting epistemology as a method to find clarity from a different depth..

... chood ;p

Safeed said...

صباح/مساء الخير

نحن في مجتمعاتنا البشرية بشكل عام نميل إلى إطلاق الأحكام العامة و اعتبارها مسلمات مرسلة و نستغرب من الآخرين إذا اختلفوا معنا .. الأحكام العامة تعطينا "إجازة عقلية"و توفر علينا التفكير بكل قضية ، يكفي أن نعرف شيء تشترك به القضية مع شيء آخر لنسحب عليها نفس الحكم و هكذا ننتهي!

هذه الممارسة أوقعت معظمنا في دوامة عدم التفريق بين العقل و بين العقلائية .. ليس كل الأحكام الصادرة منّا هي أحكام صحيحة و ليست كلها صادرة من العقل حتى و إن كنا نراها منطقية

وحدها الأحكام التي اتفق عليها البشر هي المنطقية و هي حقائق ثابتة لا تقبل التغيير و التبديل

الشمس تشرق من المشرق نقطة و انتهى السطر لا يمكن لأحد أن يجادل أو ينفي مثل هذه الحقيقة! المجتمعات بحاجة لـ"نظام" ايضا نقطة و انتهى السطر و لا أحد يجادل في هذه الحاجة للنظام .. و لكن .. هنا نقع بالفخ .. العقل يحكم بالحاجة للنظام ، و لكن ماهيّة النظام لا يحكم بها بل هي متروكة للاستحسان و المصالح و الرؤى الشخصية

هناك حقائق ثابتة ، و في نفس الوقت هناك حقائق متغيرة تعتمد على الزاوية التي نراها من خلالها

في الغالب نحن نعتبر لأن هذه الحقائق المتغيرة/النسبية ثابتة و مطلقة لأنها تملك أصلا عقليا ثابتا عند كافة البشر و هذا خطأ لأن و إن ثبت الأصل فإن الفرع و التفصيل متروك لاعتبارات أخرى

حتى في مثال الطفل هناك وجه .. هذه حقيقة عقلية، و لكن تصنيفنا لهذا الوجه وفق مذخورنا الثقافي هو حقيقة "عقلائية"بحتة و ليس حقيقة عقلية

نحن نتحكم بماهيّة الحقيقة و نفلسفها و أحيانا بسبب استغراقنا بـ"عقلانيتها" نتصورها حقيقة عقلية و هي ليست كذلك و لكن لا نوحد الحقيقة .. لأنها واحدة لا تقبل القسمة

Deema said...

سفيد

إن الحقيقة الواحدة و التي لا تنقسم هو ما يجتمع عليه الناس و ذلك عند الأخذ بالمشكلة الصحيحة على أنها المنطقية، و لكن ماذا إن أخذنا المشكلة الخاطئة بالمنطق و حاولنا تفسيرها و فلسفتها؟

فالمشكلة الخاطئة بالمنطق هي ما يندرج تحتها العديد من الأشياء التي لا تُفسّر في حياتنا رغم وجودها و قد تكون الخرافات أو الأحلام أو التصادف أو حتى التأثيرات الخارجية علينا أحدها

و لكن ما أقصد هنا و أظن، بغض النظر عن هذه الفكرة، أننا في مسائل الحياة اليومية و التي تحكمها الرتابة و التغيير، من تشكل الحياة تظهر حقيقة سطحية وقتية، لا يراها الناس كحقيقة لعدم رسوخها، و لهذا نحن من نتحكم في رسوخها، و نحن من نستقبلها و نؤمن بها أو لا نؤمن

يصعب علي أحيانا تركيب الجمل أو انتقاء المصطلحات بطريقة سليمة، فأتمنى أن أكون وصلت الفكرة أو فتحت لك بابا للتفكير بشيء و لو كان آخر

:)

بومريوم said...

نظرة رومانسية للغبار ..و تأثيرة على نظرتنا لتفاصيل الحياة الصغيرة
الحقيقة الوحيدة هى الموت..تتلاشى الروح لتكون خيطا آخر فى نسيج جديد
يمتد لينتهى

Deema said...

حضرة الشيوعي المعظم صاحب أفضل صناعة وطنية، بومريوم

بما أنك تقدر التفاصيل الصغيرة الكثيرة، لِمَ لا تراها لوهلة أنها حقيقة. كما الموت.. لربما رأينا بُعدا آخر للحياة

و فعلا كما تفضلت هي نظرة رومانسية

Seema* said...

الأشياء ليست كما هي, بل كما نحن.
متى ما تغيرت نظرتنا لها, تغيرت.

:)

بومريوم said...

قصر الحياة لا يعطى مجال للتفكر بماهية التفاصيل..حقيقه هى أم خيال

الموت هو البعد الاخر للحياة..
" مو فاهم معناها بس شكل الجملة حلو عجبنى"

Deema said...

Seema*

أخالفك الرأي في ذلك، فهي ليست كليا كما نحن، فهناك عدة أشياء تؤثر على الأشياء قبل أن تصل إلينا، و نحن أيضا نتغير عندما نراها

بو مريوم

أنا بعد لكن قاعدة أسوي روحي فاهمة، و أحب أوافقك بالراي لأني مشتهية

بس كلامك خلاني أفكر شنو علاقة النازية بالشيوعية؟

بومريوم said...

ماتت النازية لتولد الشيوعية

and both Hitler and karl Marx had bad taste in hair cuts

Batool said...

I think dust represents our past that controls our life when we get stocked in it. Where someone poses on the past and let it roll his life, therefore, this person may not act normal but as a reaction according to his past. And then let the past get over hem instead of getting over the past.
People should not neglect memories of past, of course because it’s part of their lives, but taking what needed from it and go on to continue their lives with the approach of clarity sight.

Deema said...

Batool

well, every comment posted to this topic is very interesting, Simper's was a bit similar to your approach; which is representation and what does dust represents, he on describing what exists [negative], you on describing how to deal with it [positive].
Safeed, However, was leaning towards evaluating the truth between being mentally generated and mentally studied.. as i understood it in conjunction with the truth visibility..
bo maryom on the other hand is more Sucratic in his approach when he refer to an ultimate truth, but again stressed on co-existence of values (death and life, communism and capitalism) yet in his pluralist view to life, i think he prefers to have a dual understanding to truth, which i believe more ethical because somehow he chose a midway between pluralism and monism..

I made this summery just to give you on how much the scope of reaction can be in such diversity, and also to show you that rephrasing other people's opinion can be a whole different opinion by itself.

:)
thanks!

Deema said...

ops i skipped rephrasing seema* ... ok what she referred to is that the world is subject to us, which is a more egoistic perspective to life i believe, it reflects a plural world if we are changing, but if we remain the same, it just remains the same.. this vision negates that there are truths outside of us, and we can distantly relate to it without involving our own evaluation to it..

The Simper said...

lovely and very interesting banner :)

Deema said...

simper thanks ;p i found the scene and intentionally returned back on another day to shoot it for the blog.. if you only know what it is :D